وقول أحمد «كل يمين عقدها عقد يمين يحلف على شيء» يريد به إذا قصد بها اليمين لأن كلامه في صيغ التعليق وهي التي يقصد بها اليمين تارة والإيقاع تارة فلو قال كل يمين ظن أنه لم يدخل فيه إلا اليمين بالله فقوله عقدها عقد اليمين أي عقد الحالف في قلبه والعقد يراد به القصد ومنه عقد الأيمان فإنها الأيمان التي قصد الحلف بها قد يراد بها الاعتقاد وهذا الذي دل عليه الكتاب والسنة وقال به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن اتبعهم من الفرق في التعليقات بين من قصده اليمين ومن قصده التعليق وهو أصل مذهب الشافعي وغيرهما [و] هو* الذي يجب اعتباره في هذا الجنس كله فمن قصد الحلف على نفسه أو على غيره لحض أو منع أو تصديق أو تكذيب فهذا حالف وهو يمين محضة ليس عليه إذا حنث إلا كفارة يمين وهذا لم يقصد وجود الجزاء عند وجود الشرط كالقائل إذا قال إن سافرت أو كلمت فلانا فمالي صدقة أو علي ثلاثون حجة ونحو ذلك فإنه إن كان قصده نفي الشرط ونفي الجزاء فهو أيضا قصده نفي الجزاء مطلقا وجد الشرط أو لم يوجد كالذي يقول إن فعلت كذا فأنا كافر وأما إذا كان قصده إيقاع الجزاء عند وجود الشرط فهذا هو التعليق سواء كان مختارا لوجود الشرط (كنذر) * التبرر وكالتعليق الذي في معنى الخلع أو الجعالة أو الكتابة كقوله إن أعطيتيني (ألفا) ** فأنت طالق وإن زنيت فأنت طالق إذا كان يريد إيقاع الطلاق بها إذا زنت.
وكذلك قوله إن أعطيتني ألفا فأنت حر وإن رددت عبدي فلك مائة درهم وإن دللتني على حصن العدو فلك ألف درهم أو فلك ربع ما فيه أو كان في معنى المضاربة مثل أن يقال إن عملت في هذا المال وربحت فلك نصف الربح وكذلك إذا كان في معنى المساقاة والمزارعة والمسابقة كقوله من جاء سابقا فله مائة ومن جاء مصليا فله خمسون أو في معنى الصلح عن القصاص كقوله إن عفوت عني فلك عندي ألف دينار.
فالتعليق الذي يقصد به إيقاع الجزاء هو من جنس إيقاع الجزاء لكنه أوقعه معلقا.
وأما التعليق الذي يقصد به اليمين فهو يمين.
وعلى هذا فالتعليق الذي يقصد به إيقاع الجزاء إن كان معاوضة فهو معاوضة كالجعالة والكتابة والخلع والمسابقة والمضاربة فإن كانت تلك المعاوضة لازمة فهو لازم وإلا لم يكن لازما فالخلع قبل قبولها لا ينبغي أن يكون لازما بل ولا الكتابة.
Bogga 146