189

Nayl Maram

نيل المرام من تفسير آيات الأحكام

Baare

محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي

والمعنى: أنهم لو تركوا الإذاعة للأخبار حتى يكون النبي ﵌ هو الذي يذيعها أو يكون أولو الأمر منهم هم الذين يتولون «١» ذلك لأنهم يعلمون بما ينبغي أن يفشى وما ينبغي أن يكتم، لكان أحسن. والاستنباط مأخوذ من استنبطت الماء: إذا استخرجته. والنبط الماء المستنبط أول ما يخرج من ماء البئر عند حفرها، وقيل: إن هؤلاء الضعفة كانوا يسمعون إرجافات المنافقين على المسلمين فيذيعونها فتحصل بذلك المفسدة. أخرج عبد بن حميد ومسلم وابن أبي حاتم من طريق ابن عباس عن عمر بن الخطاب قال: لما اعتزل النبي ﵌ نساءه قمت على باب المسجد فوجدت الناس ينكتون بالحصا يقولون: طلق رسول الله ﵌ نساءه فقمت على باب المسجد، فناديت بأعلى صوتي: لم يطلق نساءه ونزلت هذه الآية. فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر «٢» . [الآية التاسعة عشرة] وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (٨٦) . وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ: التحية تفعلة من حييت وأصلها الدعاء بالحياة، والتحية السلام وهذا المعنى هو المراد هنا، ومثله قوله تعالى: وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ [المجادلة: ٨]، وإلى هذا ذهب جماعة المفسرين. وروي عن مالك أن المراد بالتحية هنا تشميت العاطس. وقال أصحاب أبي حنيفة: التحية هنا الهدية لقوله تعالى: أَوْ رُدُّوها، ولا يمكن ردّ السلام بعينه، وهذا فاسد لا ينبغي الالتفات إليه. والمراد بقوله: فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أن يزيد في الجواب على ما قاله المبتدئ بالتحية، فإذا قال المبتدئ: السلام عليكم قال المجيب: وعليكم السلام ورحمة الله، وإذا زاد المبتدئ لفظا زاد المجيب على جملة ما جاء به المبتدئ لفظا أو ألفاظا نحو:

(١) جاء في المطبوع [يقولون] والتصحيح من فتح القدير [١/ ٤٩١] . (٢) أخرجه مسلم في الصحيح ح [١٤٧٩] وعبد بن حميد وابن أبي حاتم كما في فتح القدير [١/ ٤٩١] .

1 / 192