Nayaziik Fi Taariikhda Aadanaha
النيازك في التاريخ الإنساني
Noocyada
أشكال مختلفة من خناجر ال «كيريس» الإندونيسية.
ومن دلائل إسهام النيازك في تطور علم الميتالورجي عبر التاريخ؛ ظاهرة خناجر ال «كيريس » الإندونيسية. وال «كيريس» نوع من الخناجر القصيرة التي تنتج يدويا في بعض المناطق في إندونيسيا، منذ أكثر من 2700 سنة تقريبا، ثم انتشرت في مناطق عديدة من دول جنوب شرق آسيا. وخنجر ال «كيريس» رمزي وليس من الأدوات الحربية؛ إذ يوضع في الحزام، أو يشد على الملابس في أي موضع من الجسم، كمظهر من مظاهر الوجاهة الاجتماعية. وما يعنينا في هذا الخصوص مصدر الحديد الذي يستخدم في هذه الصناعة؛ فالحديد المستعمل في صناعة هذه الخناجر من الحديد النيزكي. ويظن أن سكان جاوة - الموطن الأصلي لهذه الصناعة - كانوا يحصلون في الأزمنة القديمة على الحديد من نيزك كبير عرفوا طريقه بالمنطقة، ونقلوه لمعبد من المعابد؛ حيث ظلوا يقتطعون منه الحديد اللازم لصناعة الخناجر. وحدثت نقلة في تطور هذه الصناعة اليدوية، عندما توقف الأهالي عن تشكيل الخناجر من حديد النيزك، وتوصلوا إلى سبيكة جديدة أطلقوا عليها «السبيكة السحرية»، التي حصلوا عليها من خلط نسب محددة من نيزك حديدي مع نسب محددة من نيزك حديدي-حجري.
لكن يجدر الإشارة إلى أن بعض الباحثين لا يقبلون هذه الأفكار، ويذهبون إلى الظن أن الحديد الفلزي عرف مصادفة، عندما سقطت قطعة من خام أرضي غني بالحديد في النار بطريق الصدفة، فانصهرت ونتج عن ذلك الحديد الفلزي فلاحظها الإنسان القديم، فعرف بذلك الحديد وكيفية استخلاصه من خاماته.
9
وتستغل النيازك الحديدية بصفتها سبيكة طبيعية - تتكون من الحديد-نيكل، وتمتاز بلونها الأبيض الفضي، لينة وطيعة وسهلة التشكيل، وتقاوم الصدأ - تستغل في الوقت الحاضر في عمل الكثير من المشغولات الفنية الدقيقة؛ إذ تشكل منها الأساور، والخواتم، والقلائد، والساعات اليدوية، وغيرها من المشغولات التي تستهوي الناس، ويحرصون على اقتنائها، لما تتمتع به من جمال المظهر، وجودة الخام الذي تشكل منه، وقيمتها العلمية باعتبارها مادة غير أرضية.
ساعة يد من حديد النيازك.
ومهما اختلف الباحثون حول مصدر حديد الأدوات الحديدية القديمة، التي يعثر عليها ضمن مخلفات العصور الأولى، فلن يغير ذلك من حقيقة ما ترسخ في أذهان الناس من أن أول مصدر للحديد كان من النيازك الحديدية التي تسقط على الأرض. ويجد المرء ذلك جليا في فكر الإنسان عبر العصور؛ فتسمية الحديد في بعض اللغات القديمة ترتبط - كما سبق الإشارة - بالسماء. وتنسب الملحمة الفنلندية «كالفيلس» مصدر الحديد إلى السماء؛ إذ تذكر بهذا الخصوص: «تدفق لبن أحمر من صدور عذارى قوس قزح ليصبح حديدا، ذهب بدوره ليبحث عن أخته النار. وتحاول النار أن تلتهمه، لكنه يهرب بعيدا إلى المستنقعات، وهناك يأسره الحداد المبارك «إلمارينين»، ويصنع منه سيوفا للمحاربين الشجعان، وحلي للنساء.»
10
ولعل من يطالع رواية «النجم الحديدي»
11
Bog aan la aqoon