حبس بعض الخلفاء شخصا على غير ذنب، فبقي سنين عديدة، فلما حضرته الوفاة كتب رقعة، وقال للسجان: سألتك بالله أني إذا مت فأوصل هذه الرقعة إلى الخليفة، فمات، فأخذها إليه، فإذا مكتوب فيها: أيها الغافل! إن الخصم قد تقدم والمدعى عليه بالأثر، والمنادي جبريل والقاضي لا يحتاج إلى بينة.
ابن السكيت والمعتز بالله
قال ابن السكيت: أحضرت لتعليم المعتز بالله، فقلت له: بأي شيء نبدأ اليوم؟ فقال: بالخروج، فقلت: نعم، فعدا من بين يدي وعثر على المرمر، فقال:
يموت الفتى من عثرة بلسانه
وليس يموت المرء من عثرة الرجل
فقلت للمتوكل: جئتم بي لتأديبه وهو آدب مني، فأمر لي بعشرة آلاف درهم.
هشام وأحد الشرفاء
غضب هشام على رجل من أشراف الناس فشتمه، فوبخه الرجل، فقال: أما تستحي أن تشتمني وأنت خليفة الله في أرضه؟! فأطرق هشام واستحى، وقال له: اقتص. قال: إذا سفيه مثلك! فقال: خذ عن ذلك عوضا من المال. قال: ما كنت لأفعل. قال: فهبها لله. قال: هي لله ثم لك. فنكس هشام رأسه، وقال: والله لا أعود لمثلها.
ذخر الدولة والمعتمد
قال ذخر الدولة: استدعاني المعتمد على الله محمد بن عباد الأندلسي ليلة قد ألبسها البدر رداءه وأوقد فيها أضواءه، وهو على البحيرة الكبرى، والنجوم قد انعكست فيها، تخالها زهرا، وقابلتها المجرة، فسالت فيها شهرا، وقد أرجت نوافح الند، وماست معاطف الرند، وحسد النسيم الروض، ففشى بأسراره، وأفشى حديث آسه وعراره، ومشى مختالا بين لبات النور وأزراره، بدمع منسجم، وزفرات تترجم، فلما نظرت إليه استدعاني، وقربني، وشكى إلي من الهجران ما استغربته، وأنشد:
Bog aan la aqoon