بعدو دولتك. فقال: ما أردت هذا، ولكن شكرا لله تعالى الذي ألهمني العفو عنك، فحدثني الآن عما جرى لك مدة اختفائك.
فشرحت له ما جرى لي مع العبد والجندي وامرأته، وما جرى لي مع جاريتي، فأمر بإحضارهم، فدعا جاريتي - وكانت تنتظر الجائزة - فقال لها: ما حملك على ما فعلت بسيدك؟ فقالت: الرغبة في المال. فقال لها المأمون: هل لك ولد وزوج؟ قالت: لا. فأمر بضربها مائة سوط.
6
ثم أحضر الجندي وامرأته والعبد، فسأل الجندي: ما حمله على ما فعل؟ فقال: الرغبة في المال. فقال له المأمون: أمرنا بطردك من الجندية. ثم أكرم زوجته وأمر بدخولها قصره، وقال: هذه تصلح للمهمات. ثم التفت إلى العبد وقال: لقد ظهر من مروءتك ما يوجب المبالغة في إكرامك. وسلم إليه دار الجندي بما فيها، وخصص له ألف دينار كل سنة. «والعفو من شيم الكرام، ولا بد أن تجزى المروءة بمثلها.» (2) جعفر والرشيد
أرق الرشيد ذات ليلة أرقا شديدا؛ فاستدعى جعفرا، وقال: أريد منك أن تزيل ما بقلبي من الضجر. فقال الوزير: يا أمير المؤمنين، كيف يكون على قلبك ضجر، وقد خلق الله أشياء كثيرة تزيل الهم عن المهموم، وأنت قادر عليها؟ فقال الرشيد: وما هي يا جعفر؟
فقال له: قم بنا الآن حتى نطلع إلى فوق سطح هذا القصر؛ فنتفرج على النجوم واشتباكها وارتفاعها، والقمر وحسن طلعته.
فقال الرشيد: يا جعفر، ما تميل نفسي إلى شيء من ذلك. فقال: يا أمير المؤمنين، افتح شباك القصر الذي يطل على البستان، وتفرج على حسن تلك الأشجار، واسمع صوت تغريد
7
الأطيار، وانظر إلى هدير الأنهار،
8
Bog aan la aqoon