جوينمار الطيار الفرنسوي المشهور كان جاويش في فرقة الطيران ويعد أقدر طيار فرنسوي، وكان عمره لما نشبت الحرب العظمى 19 سنة، وكان يستعد في ذلك الحين لدخول المدرسة العالية فلما نشبت الحرب استفزته الحمية والغيرة فتطوع للخدمة في فرقة الطيران، وما عتم أن أتقن فن الطيران إتقانا أدهش معارفه، وفي أوائل شهر ديسمبر سنة 1915 انبرى لأربع طيارات ألمانية فقاتلها جميعا، وأنزلها إلى الأرض واقتنص مؤخرا طيارة خامسة، وقد أنعمت عليه رئاسة الجيش بالأوسمة الكثيرة ورقي في منصبه ثلاث مرات منذ اندمج في سلك فرقة الطيارين. •••
كانت توضع الرسائل التي يحملها الحمام الزاجل في قصبة ريشة أوز تربط في ذيل الحمامة . •••
الطراد الفرنسوي الأميرال شارنر: في 17 فبراير سنة 1916 غادر الطراد «الأميرال شارنر» مياه جزيرة أرواد يوم الإثنين 8 فبراير قاصدا فرنسا بطريق بيروت وبورسعيد فوصل إلى مياه بيروت بعد تخيم الظلام، وما كاد يستقر فيها قبالة المدينة حتى فاجأته غواصة للعدو وأطلقت طربيدها عليه فأصابه الطربيد وأغرقه في الحال مع بحارته الذين لم يكونوا يتوقعون مثل هذه النكبة ليحتاطوا لها. «واتفق أنه كان في جزيرة أرواد طراد فرنسوي آخر فراسل «الأميرال شارنلر» لأرما بالتلغراف اللاسلكي فلم يجب فكرر مفاوضته له غير مرة ولكن بلا جدوى فأوجس قائد هذا الطراد خيفة على «الأميرال شارنر» وخاف أن يكون قد ألمت به ملمة وأخبر سائر الطرادات الفرنسوية في المياه السورية بما وقع فسار الطراد في الحال ليستطلع الأمر وأخذ يجول في المياه السورية من جزيرة أرواد جنوبا حتى بلغ مياه بيروت وهناك عثر على 13 بحارا من بحارة «الأمير شارنر» وفي جملتهم قائد الطراد أيضا فانتشل جثتهم وأتى بها إلى بورسعيد.»
وفي 19 فبراير قالت الصحف: «لما أصيب الطراد «الأميرال شارنر» بطربيد الغواصة هرع بحارته إلى الزوارق ودلوها إلى الماء، ثم ركبوا فيها وكان عددهم كلهم 450 بحارا، فلما رأتهم الغواصة يدلون الزوارق وينزلون إليها أصلتهم نارا حامية جدا من مدافعها وأطلق بحارتها رصاص البندقيات عليهم فلم ينج منهم إلا بحار واحد أمسك بقطعة من الخشب، ثم ركب عليها وظل خمسة أيام في البحر تتقاذفه الأمواج ويهرأ جسمه البرد القارص حتى عثر عليه الطراد الذي غادر مياه بورسعيد، فالتقطه وهو بين حي ميت وعاد به إلى بورسعيد، وأدخل مستشفاها وهو الذي قص ما جرى للطراد المغرق.» وقد احتفلت الحكومة بدفن قائد هذا الطراد ورجاله في بورت سعيد احتفالا رسميا مهيبا. •••
دافدسن سائق إحدى مركبات الذخيرة في الطبجية الإنكليزية في الميدان الغربي، وقد لقي منيته بينما كان يقود خيل مركبته من مكان إلى مكان؛ إذ انفجرت قنبلة شرنبل بالقرب منه فأصابته منها شظية أودت بحياته، وقد عثروا في جيب هذا الجندي على صورة المرحوم اللورد كتشنر، وقد أطارت شظية القنبلة جانبا منها، ومما يجدر ذكره أن دافدسن هذا كان يقطن الخرطوم لما كان صبيا، وقد سافر منها مع أحد أقربائه إلى فشودة وتناول الطعام في الحديقة التي كان الجنرال مرشان قد أقامها في تلك البلدة السودانية المشهورة. •••
اتصف الإنكليز بعدم المبالاة وأخذهم كل أمرة «على رواق» من قلق بال أو اضطراب فإن جنديا إنكليزيا مضى عليه زمن لا ينام إلا على التراب في الخنادق، فلما هجم مع رجال فرقته واستولوا على مواقع الألمان غنموا في أحد الأكواخ سريرا عليه «مرتبة» فأبصرها الجندي، وكان الألمان قد أخلوا الكوخ بعدما دمروه، فما اكترث الجندي لقذارة المكان وما حوله من الأنقاض بل تمدد على الفراش ونام نوما عميقا رغم صوت الدوي العظيم من انفجار القنابل وإطلاق المدافع. •••
رأى أحد الجنود الإنكليز امرأة جالسة إلى مكنة خياطة في قبو تحت الأرض في بيتها بمدينة فردون بفرنسا وهي منهمكة بالخياطة تعمل بجد ونشاط لإنجاز ما هو مطلوب منها غير مبالية بالأخطار المحدقة بها وببيتها من كل جانب، فالدنيا في الخارج قائمة قاعدة وأصوات انفجار القنابل ورصاص البنادق تدوي فتصم الآذان وتهدد البيت كل دقيقة، وهي لا تعبأ بشيء بل تدرز على المكنة كأن لا حرب ولا قنابل تسقط، أو كأنها في أمن من بوائق الأيام، على أنها في الواقع في خطر من الموت فقد تسقط قنبلة على بيتها فتدكه إلى الحضيض دكا، وتردم تحت أنقاضه ولعلها كانت عالمة بما قد يخبئه القدر لها، ولكن النساء اشتهرن بالحزم والعزم إبان الشدائد والملمات، فهن يرضخن لأحكام القضاء صابرات متجلدات، ويكلن أمورهن ساعات المحن والمصائب إلى الله، وكثيرات منهن يصدقن بالقضاء والقدر ويعتقدن أن يد الإنسان لا تدفع مقدورا ولا تمنع محذورا. •••
خرجت من الأسر لتأسر القلوب: الراقصة الممثلة الشهيرة مدام ستيبانوف إحدى الراقصات اللواتي يرقصن في الأوبرا الكبيرة في بتروغراد والأوبرا الكبيرة في موسكو، فلما نشبت الحرب العظمى كانت في ألمانيا فمنعتها السلطة العسكرية الألمانية من مغادرة البلاد رغم كونها امرأة لا دخل لها في السياسة ، واعتقلتها مع من اعتقلت من رجال ونساء ولم تطلق سراحها إلا بعد اللتيا والتي.
فسافرت إلى لندن وعادت إلى مسرح الرقص والتمثيل، وجاء الناس من كل حدب وصوب للتمتع برؤية رقصها البديع، وقد زادها خروجها من معتقلها في بلاد الأعداء وأنها روسية الجنس رائعة الجمال شهرة وبعد صيت فتحدثوا بها في كل مكان وأقبلوا على رؤية تمثيلها أيما إقبال حتى كانت دار التياترو تضيق عن أن تسع المتفرجين.
وكانت تذاكر الدخول تباع وتنفد قبل ليالي التمثيل بأيام وكان لهذه الراقصة شقيقة ترقص معها وتعاونها وكلاهما على جانب عظيم من اللطف والجمال ترقصان رقصا روسيا مبتكرا يأخذ بمجامع القلوب، والناس من غربيين وشرقيين فيهم ميل فطري قديم إلى اجتلاء محاسن الرقص ورؤية الراقصات وهذا أمر مألوف معروف ولا سيما في هذه البلاد حيث لراقصاتنا الوطنيات شأن يذكر في الملاهي والحفلات والأعراس الكبرى. •••
Bog aan la aqoon