إلي من ساقط الأوراق مستور
فما كان إلا القليل حتى انتهى إليهم هذان البيتان فتعلقوا بأم منظور، فحلفت لهم بكل يمين، فلم يقبلوا منها وعاقبوها على ذلك.
زيارة جميل بثينة متنكرا
جاء جميل إلى بثينة ليلة وقد تزيا بزي راع لبعض الحي فوجد عندها ضيوفا، فانتبذ ناحية وجلس فيها، فسألته: من أنت؟ فقال: مسكين، فعشت ضيفانها وعشته وحده، ثم جلست هي وجارية لها تجاه النار تصطليان، واضطجع القوم منتحين، فقال جميل:
هل البائس المحزون دان فمصطل
من النار أو معطى لحافا فلابس
فقالت لجاريتها: صوت جميل والله، اذهبي فانظري، فذهبت ثم رجعت وقالت: هو والله جميل، فشهقت شهقة سمعها القوم، فأقبلوا يجرون، وقالوا: ما لك؟ فطرحت بردا لها في النار عمدا وقالت: احترق بردي، فرجع القوم وأرسلت جاريتها إلى جميل فجاءتها به، فأبقته عندها ثلاثة أيام ثم ودعها وخرج.
وشاية الخادم بجميل وبثينة
رصد جميل بثينة في نجع لبني عذرة حتى إذا صادف منها فرصة وهي مارة مع أترابها في ليلة ظلماء ذات رعود وأمطار فحذفها بحصاة فأصابت بعض أترابها، ففزعت وقالت: والله ما حذفني في مثل هذا الوقت إلا الجن، فقالت لها بثينة وقد فطنت: انصرفي إلى منزلك، حتى تذهب إلى النوم، فانصرفت وبقي مع بثينة أم الحسين وأم منظور، فقامت إلى جميل فأخذته إلى الخباء معها وتحدثا طويلا وما زالا على ذي الحال إلى أن أسفر الصباح، فجاء غلام زوجها بصبوح من اللبن بعث بها إليها زوجها، فلما رآها مع جميل منفردة مضى لوجهه حتى يخبر سيده، فرأته ليلى والصبوح في يده وكانت قد عرفت خبر بثينة وجميل فاستوقفته كأنها تسأله عن حاله وبعثت بجارية لها وقالت: حذري بثينة وجميلا، فجاءت الجارية فنبهتهما، فلما تبينت بثينة الصبح قد أضاء والناس متنكرين ارتاعت وقالت: يا جميل نفسك نفسك، فقد جاءني غلام زوجي بصبوحي من اللبن فرآنا سوية، فقال لها وهو غير مكترث: علام الخوف؟ وأنشد:
لعمرك ما خوفتني من مخافة
Bog aan la aqoon