231

Nataij Fikr Fi Nahw

نتائج الفكر في النحو للسهيلي

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Goobta Daabacaadda

بيروت

مشابهة لباب: فزع وحذر وحزن ومرض، إلى غير ذلك مما له أثر في باطن الفاعل وغموض معنى فيه، ولذلك كانت حركة العين كسرًا، لأن الكسر خفض للصوت وإخفاء له، فشاكل اللفظ المعنى. ومن هذا النحو: لبس الثوب وألبسه إياه، لأن الفعل - وإن كان متعديًا - فحاصل معناه في نفس الفاعل، كأنه لم يفعل بالثوب شيئا، وإنما فعل بنفسه. ولذلك جاء على فعل مقابلة لعرى، وكذلك كسى، ولم يقولوا: أكسيته الثوب، لأن الكسوة ستر للعورة، فجاء على وزن سترته وحجبته ونحو ذلك. وأما أكل وأخذ وضرب فلا تنقل، لأن الفعل واقع بالمفعول، ظاهر أثره فيه غير حاصل في الفاعل منه صفة، فلا تقول: أضربت زيدًا عمرًا، ولا: أقتلته خالدًا. لأنك لم تجعله على صفة في نفسه كما تقدم. وأما " أعطيته " فمنقول من: " عطا يعطو " إذ أشار للتناول، وليس معناه الأخذ. ألا تراهم يقولون: " عاط بغيو أنواط "، فنفوا أن يكون وقع هذا الفعل بشيء، فلذلك نقل كما نقل غير المتعدي لقربه منه، فقالوا: أعطيت زيدًا درهمًا، أي: جعلته عاطيًا له. وأما " أنلت " فمنقول من " نال " المتعدية، وهي بمنزلة " عطا يعطو "، لا تنبئ إلا عن وصول إلى المفعول دون تأثير فيه ولا وقوع ظاهر به، ألا ترى إلى قوله سبحانه: (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى) . ولو كان فعلًا مؤثرًا في مفعوله لم يجز هذا، إنما هو منبئ هو الوصول فقط. وأما " آتيت المال زيدًا " فمنقول من " أتى "، لأنها غير مؤثرة في المفعول، وقد حصل منها للفاعل صفة. فإن قيل: يلزمك أن تجيزت " أتيت زيدًا عمرًا، أو المدينة "، أي: جعلته يأتيهما؟ قلنا: بينهما فرق، وهو أن إتيان المال زيدًا كسب وتمليك، فلما اقترن به هذا المعنى صار كقولك: أكسبته مالًا أو: أملكته إياه، وليس كذلك: " أتى زيد عمرًا، فهذا الفرق بينهما.

1 / 254