199

Nasraniyya

النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية

Noocyada

في فلكهِ إذ تبدَّاها ليضعها ... وظلَّ يجمع ألواحًا وأوابًا
وقد روينا له أبياتًا في داود النبي وفي سليمان الحكيم وفي المن والسلوى وغير ذلك مما يدل على معرفته للأسفار الكريمة.
٨ً ويؤيد ذلك ذكره لفصح النصارى ومدحه لهوذة بن علي الذي فك أسرى تميم في ذلك العيد فقال:
بهم يقرّبُ يوم الفصح ضاحيةً ... يرجو الإلهَ بما أسدى وما صنعا
وكل هذه الشواهد لايمكن تعليلها إلا بأن يقال أنه كان يدين بالنصرانية.
وقد ذهب إلى هذا القول المستشرق ولهو زن حيث قال: Wellhausen: Reste arab. Heidentums، p.٢٣٣ "يظهر أنة أحد شعراء الجاهلية المدرسيين الأعشى قد كان نصرانيًا" (Einer der klassischen Dichter der Gâhilija، al - A'cha، soll Christ gewesen sein) .
٣ ربيعيون آخرون
أربعة شعراء من ربيعة من غير قبائل بكر وتغلب روينا شعرهم وهم: ١ البراق بن روحان (شعراء النصرانية ص١٤١ ١٤٧) .
٢ ليلى العفيفة زوجته (شعراء النصرانية ١٤٨ ١٥٠) .
٣ جرير بن عبد المسيح (المتلمس) (شعراء النصرانية ٣٢٠ ٣٤٩) .
٤ المثقب العبدي (شعراء النصرانية ٤٠٠ ٤١٥) .
هم من أحياء مختلفة لاشك في نصرانيتهم. فالبراق كما ورد في جمهرة أنساب العرب للكلبي كان من قرابة التغلبي وتخرج على راهب فتعلم منه تلاوة الإنجيل ولعل دير ابن براق الذي ذكره ياقوت في معجم البلدان إليه ينتسب.
والمتلمس ينتمي إلى ضبيعة بن ربيعة بن نزار وكفى باسمه "جرير بن عبد المسيح" دليلًا على دينه. نادم مدة عمرو بن الهند ثم هرب منه إلى الشام واجتمع بأهلها النصارى وفي ذلك يقول:
حنَّت قلوصي بها والليلُ مطَّرقٌ ... بعد الهدو وشاقتها النواقيسُ
وهو القائل عن تقي الله:
وأعلمُ علمَ حقٍّ غير ظنّ ... وتقوى الله من خير العتادِ
أما المثقب العبدي فكان من أسد بن ربيعة يرتقى إليها بعبد القيس بن أفصى التي سبق لنا ذكر شيوع النصرانية بينها. كان أبوه محصن بن ثعلبة سيدًا خطيرًا واحد السعاة بالصلح بين بكر وتغلب كما قال المثقب:
أبي أصلح الحيَّينِ بكرًا وتغلبًا ... وقد أرعشتْ بكرٌ وخفَّ حلومها
والمثقب دخل على ملوك الحيرة فمدح منهم عمرو بن هند والنعمان بن قابوس.
ثانيًا شعراء إياد
إياد بن نزار أخو ربيعة. تشعبت منه أحياء وفروع متعددة شاركوا ربيعة في نصرانيتهم كما شهد على ذلك كتبة مسلمون فضلاء كأبي نصر الفارابي والبكري وابن دريد (أطلب نصوصهم في الصفحة ٢٤) وقد ذكر ياقوت في معجم البلدان أديرةً بناها بنو إياد كدير السوا ودير قرة. وفي أخبار البلد الحرام للفاسي (ص١٣٧) أن كاهنًا من إياد اسمه وكيع بن سلمة ابتنى صرحًا ليناجي فيه الله. قال بشر بن الحجر (البيان والتبين للجاحظ ١: ١٩٠):
ونحنُ إيادٌ عبادُ الإلهِ ... ورهطُ مناجيهِ في السُّلَّم
وأشهر من عرف من شعرائهم شاعران ذكرناهما في كتابنا: ١ قس بن ساعدة (شعراء النصرانية ص٢١١ ٢١٨) .
٢ أمية بن أبي الصلت (شعراء النصرانية ٢١٩ ٢٣٧) .
قس بن ساعدة هو خطيب العرب الشهير وأسقف نجران لا حاجة إلى إثبات نصرانيته. وصفه الجارود النصراني العبقسي لمحمد بما رويناه هناك (ص٢١١) . هذا مع ما دخل في أخباره من الأقاصيص الفرية التي رويناها على علاتها.
أما أمية بن أبي الصلت وهو من ثقيف بها يرتقي إلى إياد فيمكنا بيان نصرانيته بالأدلة الآتية: ١ كونهه من غياد التي أثبتنا نصرانيتها وافتخاره بمعارف قومه لاسيما الكتابة وفن الكتابة كما سبق تعلمه العرب من النصارى:
قومي إيادٌ لو أنَّهم أممُ ... ولو أقاموا فتهزلَ النَّعمُ
قومٌ لهم ساحةُ العراق إذا ... ساروا جميعًا والقطُّ والقلمُ
٢ كان أمية من الحنفاء وقد سبق (ص١١٨ ١١٩) أن الحنيفية في الجاهلية يراد بها النصرانية أو شيعة من شيعها وأتينا على ذلك بشواهد إسلامية.
٣ إطلاعه على الأسفار المقدسة والإنجيل ودرسه لها (الأغاني ٣: ١٨٧) .
٤ دخوله كنائس النصارى واجتماعه برهبانها (ص١٨٨) .
٥ معرفته للغة السريانية لغة نصارى العراق.
قال ابن دريد في تاج العروس (٣: ٢٨٦): "كان أمية يستعمل السريانية كثيرًا لأنه كان قد قرأ الكتب".

1 / 199