114

Nasraniyya

النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية

Noocyada

(مالك) نظن أن هذا الاسم إما معرب عن اليونانية وإما مشيرًا إلى أحد أولياء النصارى والدليل على الأول ما رويناه سابقًا (ص٨١) عن أحد أمراء العرب الوافدين على القديس سمعان العمودي سماه الكاتب (Basilicus) أي مالكًا. والدليل على الثاني اسم رجلين من نساك النصارى اشتهرا باسم Malchus في ما بين النهرين والعراق (BHO،pp. ١٣١_١٣٢) (محمد) مر في الفصول السابقة (ص١٢٦ و١٤٨) أن اسم محمد من أعلام زمن الجاهلية وأن النصارى عرفوا به كمحمد بن سفيان بن مجاشع أحد أساقفة تميم وكذلك محمد بن حمران من نصارى مذحج ومحمد بن خزاعي من ذكوان ومحمد أحد بني سليم (Sprenger I، ١٦١) . وهذا الاسم بمعناه عدة أسماء يونانية لرجال اشتهروا في بلاد العرب أخصهم أوتيميوس رسول العرب وأودوكسيوس أحد الشهداء الأولين فمن المحتمل أن يكون عرّب عن بعضها. (منصور) نجد هذا الاسم بين أعلام الجاهلية منهم في بني إياد النصارى منصور بن يقدم بن أفصى بن دعمي بن إياد ومن بني ربيعة منصور بن جعونة قال ابن دريد في الاشتقاق (ص١٨٠): "كان شريفًا بالشام سيدًا" ومن قضاعة منصور ابن جمهور من رجال كلب. واشتهر في دمشق ابن منصور في عهد بني أمية وهو القديس العلامة يوحنا الدمشقي. وليس بالمستبعد أن يكون هذا الاسم معرب من اسم يوناني مثل (Nicon، Nicolas) أو لاتيني مثل (Vincent، Victor) ٥ الأعلام النصرانية الجغرافية نضيف إلى أعلام الأشخاص النصرانية الأعلام الجغرافية التي تدل على معرفة العرب لمزارات النصارى وإكرامهم لها. (أوريشلم) عاصمة اليهود قبل المسيح أضحت بعده مدينة مقدسة يكرمها النصارى ويتباركون بزيارتها. والعرب لم يدعوها بعد الإسلام وإنما جاءت على اللفظ القديم في شعر الأعشى قال (معجم البلدان ١: ٤٠٢ واللسان ٥: ٩٦) وطوّفت للمال آفاقه ... عُمانَ فحمصَ فأُريشلمْ أتيتُ النجاشيَّ في دارهِ ... وأرضَ النبيطِ وأرض العجمْ ورووا: أوريسلم وأوراسلم وذكروا حديثًا لعطاء (اللسان ٥: ٩٦): "أبشري أورى شلم براكب الحمار" قالوا يريد بيت المقدس. وهذا الحديث منقول عن نبوة زكريا في السيد المسيح ودخوله إلى أورشليم (متى ٢١: ٥): "قولوا لابنة صهيون هوذا ملكك يأتيك وديعًا راكبًا على أتان وجحش ابن أتان". (إيلياء) هو اسم آخر لبيت المقدس لكنه روماني الأصل دعاه به أدريانوس الملك بعد محاربته لليهود في القرن الثاني للمسيح فخرب بقايا المدينة اليهودية وشيد هيكلًا للمشتري ودعى المدينة لذلك "Aelia Capitolina" وروى ياقوت أن معنى إيلياء بيت الله والصواب أنها مشتقة من اسم أسرة القيصر أدريانس المدعوة إيليا. وأنشد في معجم البلدان (١: ٤٢٤) لبعض الأعراب يصف بعيره وسيره الحثيث في جهات فلسطين: فلو أنّ طيرًا كلّفتْ مثلَ سيرهِ ... إلى واسطٍ من إيليّا لكلّتِ سمى بالمهارى من فلسطينِ بعد ما ... دنا الفيءُ من شمس النهار فولّتِ فما غاب ذاك اليومُ حتى أناخها ... بميسان قد حلّت عراها وكلّتِ وكذلك دعاها الفرزدق بهذا الاسم فقال (ياقوت ١: ٤٢٤): وبيتانِ بيت الله نحنُ ولاتهُ ... وقصرٌ بأعلى إيلياءَ مشرفُ (سدوم) مدينة ورد ذكرها في سفر التكوين عاقب الله أهلها لمآثمهم. وقد عرف العرب في الجاهلية أمرها فقال عمرو بن دراك العبدي (في التاج ٨: ٣٣٥ واللسان ١٥: ١٧٧): وإني وإن قطعتُ حبالَ قيسٍ ... وخالفتُ المرونَ على تميمِ لأعظمُ فجرةً من أبي رغالٍ ... وأجور في الحكومةِ من سدومِ وقال أمية بن أبي السلط (صحاح الجوهري ٢: ٢٩٧): كذلك قومُ لوطٍ حين أمسوا ... كعصف في سدومهمِ رميمِ (سينا) قال ياقوت (٣: ٢٢٠): "موضع بالشام يضاف إليه الطور فيقال طور سينا الذي كلم الله تعالى عليه موسى بن عمران عم ونودي فيه". وورد هذا الاسم في القرآن قال في سورة المؤمنين (٢٣: ٢٠): (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ) وربما دعي بالطيور دون إضافة كقوله (في سورة مريم ١٩: ٥٣): (وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطّورِ الأيْمَنِ وَقَرّبْنَاهُ نَجِيًّا) ومثله قوله عن رؤيا موسى للعوسجة (سورة القصص ٢٨: ٢٩) (آنَسَ مِن جَانِبِ الطّورِ نَارًا) .

1 / 114