ولما شاع خبر وفاة نابوليون وانتهى إلى مسامع ماري لويز قالت: «إن الإمبراطور نابوليون لم يكن يسيء معاملتي، بل كان على العكس يظهر لي كل إكرام وإعزاز ...» قالت ماري لويز هذا القول الحق بعد أن عشقت الجنرال أدام أدالبير، ذياك الجنرال النمسوي الأعور الذي لم يتفوق بشيء من أعمال الرجال في ميادين القتال، وبعد أن رزقت منه ولدا قبل وفاة بطل أوسترليتز، فلو كان نابوليون شريرا في سلوكه معها كما قيل لما شهدت له تلك الشهادة المأثورة، ولا سيما أن مصلحتها كانت تدعوها إلى قلب الحقيقة لتخفف من شناعة الخيانة التي اقترفتها بعد فشل نابوليون.
وإذا صح أن ماري لويز قالت بعد زواجها الثاني: «إني لم أكن أشعر بحب شديد لنابوليون.» فإن هذا القول لا يكفي لتكذيب الرسائل التي ذكرنا بعض فقراتها، ولا يحمل إلا على محمل واحد هو رغبة ماري لويز في مدارة الجنرال الوضيع الذي اتخذته حبيبا ثم زوجا.
وإذا رجعنا إلى المذكرات التي وضعها الأحباء والأعداء وجدنا فيها دليلا على مبالغة نابوليون في إكرام ماري لويز، قال كونكور - الذي كان سفيرا في بطرسبرج: «إن نابوليون كان يعنى عناية شديدة بزوجته الشابة القليلة الشأن «الإمبراطورة ماري لويز» وكان يشملها بنظرات الحب والسرور ويفاخر بإظهارها لكل إنسان في كل مكان.»
وذكرت قرينة الجنرال دوران كبيرة سيدات الشرف لدى الإمبراطورة أن «الإمبراطور نابوليون قضى الأشهر الثلاثة الأولى لزواجه ملازما للإمبراطورة لا يفارقها ليلا ولا نهارا، وإذا تركها سويعات قليلة فللقيام بأشغال مستعجلة»، وقال شامباني: «إن نابوليون كان أفضل زوج في العالم، وليس في وسع أحد أن يظهر من العناية ورقة المعاملة وكرم النفس أكثر مما أظهره نابوليون ...»
وكان ذلك الرجل الشديد الفخور يتوسل بكل وسيلة ليعرف هل كانت ماري لويز سعيدة حقيقة أو كان لديها ما تشكو منه، وبلغ منه حب الاستطلاع مرة أن قال للبرنس مترنيخ وهو عند ماري لويز: «أريد أن تحدثك الإمبراطورة بحرية تامة، وأن تطلعك على فكرها الخاص في شأن مركزها الجديد ... أنت صديق لها، فالواجب أن لا تخفي عنك شيئا .»
وفي اليوم التالي لقي البرنس وسأله: «ماذا قالت لك الإمبراطورة أمس؟» ثم عاجله قبل أن يجيب بقوله: «قالت لك أنها سعيدة معي وأنها لا تشكو شيئا، فآمل أن تخبر إمبراطورك بذلك ...»
الفصل الرابع عشر
ولادة ملك روما
وليس في وسع قلم أن يصف ما داخل نابوليون من السرور حين علم بعد ثلاثة أشهر لزواجه أن الإمبراطورة تشعر بدلائل الحمل، ولقد طفحت كأس حبوره وابتهاجه حين ولدت له ولدا ذكرا.
فيا لله! ما أعظم ذاك الحلم وما أجمل تحقيقه! إن ذاك الطالب الذي تعلم على نفقة الحكومة وذاك الضابط الذي كان يحرم نفسه من الجلوس في القهوة ليساعد أمه وإخوته، سيكون له سلالة لحكم أعظم إمبراطورية!
Bog aan la aqoon