113
المبتدئ بالعطاء قبل السؤال، لو استطعت تمثيل حمدك ومدحك، واعتدادي بإفضالك العميم ومنحك، لأبرزته في صورة تروق النواظر، وأفرغته في قالب يسر القلوب والخواطر. لقد أترعت مواردي ومناهلي، وحملتني من حقائب الجود ما أثقل كاهلي، وأرحت سري بهبات هباتك، وقطعت أملي إلا من موارد صلاتك:
كم من يد بيضاء قد أسديتها ... تثني إليك عنان كل وداد
شكر الإله صنانعًا أوليتها ... سلكت مع الأرواح في الأجساد
إلام تنشر علي ملابس العوارف؟ وحتام تهدي إلي نفائس اللطائف؟ وتلحظ بعيون العناية، وتمد ظل الرعاية، وتصل أسباب الصنائع، وتأتي من الإحسان بما عهده محفوظ، ونشره ضائع، من غير خدمة سابقة، ولا حرمة لهدى العواطف سائقة.
طالما غنيت بالغناء من خيرك، وألهمتني لهاك عن الاجتماع بغيرك، وقابلتني عطاياك بجبرك، ومنحتني سماحتك من كنزها الوافر بخالص تبرها:
فلأشكرنك ما حييت وإن أمت ... فلتشكرنك أعظمي في قبرها
صيرت لساني كليلًا بعد حدته، وأعدت قلمي جافًا بعد غزارة مدته. فها أنا لا أطيق أداء بعض حقك، ولا يخرجني فرط برك عن عهدة رقك. وكلما فرغت من شكر يد كثر

1 / 114