Nasikh Wa Mansukh
الناسخ والمنسوخ من القرآن الكريم
Noocyada
قال الله سبحانه وتعالى: ?وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله? [البقرة: 284] فاختلف الناس في هذه الآية وفي تأويلها وفي ناسخها، فقال قوم: تأويلها من شك في الله علانية أو سرا حاسبه بذلك أو أيقن به علانية أو سرا جزاه الله بذلك، وقال آخرون: إنها نزلت في كتمان الشهادة وإقامتها، وإن الله تعالى يثيب على إقامتها ويحاسب على كتمانها، وقد بلغني من حيث أحب [67/2] أنها لما أنزلت هذه الآية جاء الناس إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في جمع من أصحابه المهاجرين والأنصار فقالوا: يا رسول الله، ما نزلت آية أشد علينا من هذه، وإن أحدنا ليحدث نفسه، بأشياء ما يحب أن له الدنيا وما عليها وأن ذلك يثبت في نفسه فأنزل الله عند ذلك توسيعا لهم: ?آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ? [البقرة: 285] إلى آخر السورة [94أ-ب] ، والقول عندي -والله أعلم- إن الآية محكمة، وإن الآية التي ذكروا محكمة ولكل تأويل ومعنى، وإن الله سبحانه يحاسبهم فيه بالشك والارتياب وفي رسوله فيما أعلنوه من ذلك أو أسروه إذا كانوا عالمين به معتقدين له، وأما ما سوى ذلك مما يحدثون به أنفسهم فإنه بلغني من حيث أثق عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: [68/2] ((عفى الله لأمتي ما تحدث به أنفسها حتى تفعله)) والدليل على ما قلنا به من هذا القول: قول الله عز وجل: ?من يعمل سوءا يجز به? [النساء: 123] والعمل فهو الإجماع - أي النية - على فعل شيء واعتقاده [36أ-أ] والعمل به؛ لأن من الأعمال ما يعمل به اللسان والقلب، ومنها ما يعمل بالأيدي والأرجل فهذا ما في الباب عندي. والله أعلم.
وقد بلغني عن ابن عباس أنه يقول: إن الآيتين محكمتان ويتأول في ذلك شبه بما تأولنا.
Bogga 127