[كتاب الصلاة: أول ما نسخ (تحويل فرض القبلة)]
قال عبد الله بن الحسين صلوات الله عليهما: وأول ما نسخ الله سبحانه من كتابه الكريم، وذكره الحكيم تحويل فرض القبلة.
وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما دخل المدينة أمره الله بالصلاة إلى بيت المقدس وأنزل عليه:?ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله? [البقرة:115] ، فكان عليه الصلاة والسلام يصلي إليه، لما أراد الله من إطناء أهل المدينة ومن حولها، وذلك أن أكثرهم كانوا يهودا، وكانوا يعظمون بيت المقدس، فلما أن صلى -عليه الصلاة والسلام- إليه عظم أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندهم، ووقع ما يدعو إليه في قلوبهم.
فصلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا، وقيل: سبعة عشر شهرا. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحب قبلة أبيه إبراهيم؛ وذلك أنها كانت قبلة جميع الأنبياء -عليهم السلام، غير أنه لم يكن أحد أمره الله ببناء البيت، ولا دله [62أ-ب] عليه، ولا أظهره له إلا إبراهيم (عليه السلام) وأما الأنبياء من قبله صلوات الله عليهم فكانوا يتعبدون بالصلاة إليه والقصد.
وكان عليه السلام يدعوا إلى الله في ذلك، وينظر إلى السماء ويلتفت عند الصلاة إلى البيت العتيق، فأنزل الله سبحانه: ?قد نرى تقلب وجهك في السماء [3أ-أ] فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره? [البقرة:144] أي نحوه، فنسخت هذه الآية التي قبلها (وهي) ?ولله المشرق والمغرب? [البقرة:115] فاشتد ذلك على اليهود.
فقالوا: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟
Bogga 34