وما هي إلا لحظات حتى كتب منشورا ثانيا:
صحيح أن الحرب لعنة سوداء، لكنها مثل التنور تظهر بريق المعادن الخالصة.
يا إلهي! هل حقا يفعل ذلك؟ أم هي محض صدفة؟ مستحيل، إنه يفعلها، يرد على منشوري بمنشور! بدأ قلبي يخفق هذه المرة أسرع، هل أجاريه في اللعبة؟ ماذا أكتب الآن؟ فكرت قليلا ثم غيرت رأيي، ضغطت على زر الإعجاب على منشوره الأخير، وأطفأت الجهاز.
اتصلت بجدو نور وطلبت منه أن ألتقي به مساء فوافق، وبقيت أفكر طوال اليوم كيف سأجمعه برندة؟ إنها بعيدة في تركيا، وجدو هنا وسط الحرب في حلب، كيف سيلتقيان؟
في المساء ذهبنا أنا وفاطمة إليه فاستقبلنا بمودة كبيرة في مكتبته المحببة، سألته: جدو، ألا تفكر بالسفر؟ - لأهرب من وطني؟ - بالطبع لا، ليس هذا ما قصدته جدو، إنما لتبتعد قليلا من أجواء الحرب وما تفعله في نفوسنا. - لا أستطيع، ثم إلى أين سأذهب؟ ومع من؟ - إلى تركيا مثلا.
نظر إلي متفاجئا وقال: تركيا؟ ولماذا تركيا تحديدا؟ - لأنها ... لأنها ... لأنها قريبة منا كثيرا، كما أنها جميلة جدا ومناسبة لتغيير الجو. - لا أستطيع ولا أريد الآن، ربما لاحقا. - متى جدو؟ - حتى تتعافى سورية! - سننتظر طويلا إذن. - أخبريني الآن، هل أنهيت الكتاب؟ - بالطبع، لكنني في الحقيقة استغرقت في قراءته زمنا طويلا، كما أنني لم أفهم كثيرا من مقاطعه.
بعدها أخذت في الاستفسار عن بعض الأمور وجدو يجيبني، ثم سمعنا طرقا على الباب، قام جدو ليفتح، وسمعته يرحب به، إنه سليمان «الملك»!
4
رمضان، 1434ه / 2013م، حلب
فتحت أم سعيد الثلاجة وأخذت تتأمل داخلها، ومع أنها تعرف تماما الأغراض القليلة التي فيها ومكانها تحديدا، إلا أنها جثت على ركبتيها محاولة استيعاب كل زاوية في الثلاجة بنظرها علها تكون قد وضعت شيئا ما ونسيته. لكنها مثل كل مرة انتصبت واقفة فلم تجد شيئا جديدا؛ فالمعجزات لا تحدث، والثلاجة ستظل على حالها، «على حطة يدها» كما يقولون. تنهدت وسحبت طبقا فيه نصف حبة طماطم «بندورة» مغلفة بعناية يضرب لونها إلى الاصفرار.
Bog aan la aqoon