216

Nashr

النشر في القراءات العشر

Baare

علي محمد الضباع (المتوفى ١٣٨٠ هـ)

Daabacaha

المطبعة التجارية الكبرى [تصوير دار الكتاب العلمية]

مُكْثٍ وَتَفَهُّمٍ مِنْ غَيْرِ عَجَلَةٍ، وَهُوَ الَّذِي نَزَلَ بِهِ الْقُرْآنُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا وَرُوِّينَا عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُقْرَأَ الْقُرْآنُ كَمَا أُنْزِلَ أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ. وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ نَبِيَّهُ ﷺ فَقَالَ تَعَالَى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَيِّنْهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: تَأَنَّ فِيهِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: انْبِذْهُ حَرْفًا حَرْفًا. يَقُولُ تَعَالَى تَلَبَّثْ فِي قِرَاءَتِهِ وَتَمَهَّلْ فِيهَا، وَافْصِلِ الْحَرْفَ مِنَ الْحَرْفِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَلَمْ يَقْتَصِرْ سُبْحَانَهُ عَلَى الْأَمْرِ بِالْفِعْلِ حَتَّى أَكَّدَهُ بِالْمَصْدَرِ اهْتِمَامًا بِهِ وَتَعْظِيمًا لَهُ لِيَكُونَ ذَلِكَ عَوْنًا عَلَى تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ وَتَفَهُّمِهِ، وَكَذَلِكَ كَانَ ﷺ يَقْرَأُ، فَفِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ يَعْلَى بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ سَأَلَ أُمَّ سَلَمَةَ ﵂ عَنْ قِرَاءَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَإِذَا هِيَ تَنْعَتُ قِرَاءَةً مُفَسَّرَةً حَرْفًا حَرْفًا، قَالَتْ عَائِشَةُ ﵂: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقْرَأُ السُّورَةَ حَتَّى تَكُونَ أَطْوَلَ مِنْ أَطْوَلَ مِنْهَا. وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَامَ بِآيَةٍ يُرَدِّدُهَا حَتَّى أَصْبَحَ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قِرَاءَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: كَانَتْ مَدًّا، ثُمَّ قَرَأَ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) يَمُدُّ اللَّهَ وَيَمُدُّ الرَّحْمَنَ وَيَمُدُّ الرَّحِيمَ. فَالتَّحْقِيقُ دَاخِلٌ فِي التَّرْتِيلِ كَمَا قَدَّمْنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْأَفْضَلِ هَلِ التَّرْتِيلُ وَقِلَّةُ الْقِرَاءَةِ، أَوِ السُّرْعَةُ مَعَ كَثْرَةِ الْقِرَاءَةِ؟ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ كَثْرَةَ الْقِرَاءَةِ أَفْضَلُ، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا الْحَدِيثَ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَرَوَاهُ غَيْرُهُ: كُلُّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَلِأَنَّ عُثْمَانَ ﵁ قَرَأَهُ فِي رَكْعَةٍ، وَذَكَرُوا آثَارًا عَنْ كَثِيرٍ مِنَ السَّلَفِ فِي كَثْرَةِ الْقِرَاءَةِ، وَالصَّحِيحُ بَلِ الصَّوَابُ مَا عَلَيْهِ مُعْظَمُ السَّلَفِ

1 / 208