206

Nashr

النشر في القراءات العشر

Baare

علي محمد الضباع (المتوفى ١٣٨٠ هـ)

Daabacaha

المطبعة التجارية الكبرى [تصوير دار الكتاب العلمية]

لِشَكِّهِ فِي رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ لَهُ عَنْهُ فَأَرَادَ تَحْقِيقَهُ ; لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُصَدِّقِ الرَّاوِيَ لَمْ يَرْحَلْ مِنْ أَجْلِ حَدِيثِهِ، وَلِهَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ: إِنَّ الْإِسْنَادَ خَصِيصَةٌ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ وَسُنَّةٌ بَالِغَةٌ مِنَ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ، وَطَلَبُ الْعُلُوِّ فِيهِ سُنَّةٌ مَرْغُوبٌ فِيهَا، وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ لِأُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ أَنْ تُسْنِدَ عَنْ نَبِيِّهَا إِسْنَادًا مُتَّصِلًا غَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ. وَالْعُلُوُّ يَنْقَسِمُ إِلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ أَجَلُّهَا الْقُرْبُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَمِنْ ثَمَّ تَدَاعَتْ رَغَبَاتُ الْأَئِمَّةِ وَالنُّقَّادِ، وَالْجَهَابِذَةِ وَالْحُفَّاظِ مِنْ مَشَايِخِ الْإِسْلَامِ إِلَى الرِّحْلَةِ إِلَى أَقْطَارِ الْأَمْصَارِ، وَلَمْ يَعُدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ كَامِلًا إِلَّا بَعْدَ رِحْلَتِهِ، وَلَا وَصَلَ مَنْ وَصَلَ إِلَى مَقْصُودِهِ إِلَّا بَعْدَ هِجْرَتِهِ، نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُوَفِّقَنَا لِأَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَيْهِ وَلِأَنْفَعِ الْعُلُومِ لَدَيْهِ، فَإِنَّهُ مَالِكُ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ. وَلَا بَأْسَ بِتَقْدِيمِ فَوَائِدَ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهَا لِمُرِيدِ هَذَا الْعِلْمِ قَبْلَ الْأَخْذِ فِيهِ كَالْكَلَامِ عَلَى مَخَارِجِ الْحُرُوفِ وَصِفَاتِهَا، وَكَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ مِنَ التَّحْقِيقِ وَالْحَدَرِ وَالتَّرْتِيلِ وَالتَّصْحِيحِ وَالتَّجْوِيدِ وَالْوَقْفِ وَالِابْتِدَاءِ مُلَخَّصًا مُخْتَصَرًا، إِذْ بَسْطُ ذَلِكَ بِحَقِّهِ ذَكَرْتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَأَقُولُ. أَمَّا مَخَارِجُ الْحُرُوفِ: فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي عَدَدِهَا فَالصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ مَنْ تَقَدَّمَنَا مِنَ الْمُحَقِّقِينَ: كَالْخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ وَمَكِّيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَبِي الْقَاسِمِ الْهُذَلِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ شُرَيْحٍ وَغَيْرِهِمْ، سَبْعَةَ عَشَرَ مَخْرَجًا، وَهَذَا الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ حَيْثُ الِاخْتِيَارُ، وَهُوَ الَّذِي أَثْبَتَهُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ سِينَا فِي مُؤَلَّفٍ أَفْرَدَهُ فِي مَخَارِجِ الْحُرُوفِ وَصِفَاتِهَا. وَقَالَ كَثِيرٌ مِنَ النُّحَاةِ وَالْقُرَّاءِ: هِيَ سِتَّةَ عَشَرَ فَأَسْقَطُوا مَخْرَجَ الْحُرُوفِ الْجَوْفِيَّةِ الَّتِي هِيَ حُرُوفُ الْمَدِّ وَاللِّينِ، وَجَعَلُوا مَخْرَجَ " الْأَلِفِ " مِنْ أَقْصَى الْحَلْقِ، وَ" الْوَاوِ " مِنْ مَخْرَجِ الْمُتَحَرِّكَةِ وَكَذَلِكَ " الْيَاءُ "، وَذَهَبَ قُطْرُبٌ وَالْجَرْمِيُّ

1 / 198