تفعلان ما تفعل الخمر"١.
ثم تدرج الأمر بعبد الله إلى إعنات الفرزدق في شعره نفسه إذ عابه في قوله:
وعض زمان يابن مروان لم يدع ... من المال إلا مسحتا أو مجلفُ٢
فقال له: بم رفعت " أو مجلف "؟ فقال له: بما يسوءك وبنوءك، علينا أن نقول وعليكم أن تتأولوا، كما عابه في قوله:
مستقبلين شمال الشام تضربنا ... بحاصب كنديف القطن منثور
على عمائمنا يلقى وأرحلنا ... على زواحف تزجي مخها رير٣
_________
١ راجع الأشباه والنظائر الفن السابع فن المناظرات والمجالسات إلخ، والبيت من قصيدة طويلة لذي الرمة.
٢ راجع مقدمة الشعر والشعراء، نقد الشعر، عض الزمان: شدته، والمسحت: المستأصل، والمجلف: الباقي منه بقية، والإشكال في البيت مبني على فتح الدال في "يدع" ونصب "مسحت"، وقد خرج العلماء رفع "مجلف" على أوجه منها ما قال ابن يعيش في شرح المفصل، باب العلم المنقول جـ١٠، وباب الإعلال في الواو والياء لامين جـ١٠: إنه معطوف على المنصوب بملاحظة المعنى، إذ كأنه قال: بقي مسحت، ومنها وجهان آخران ذكرهما الرضي في شرح الكافية آخر عطف النسق، أما على رواية كسر الدال في يدع ورفع مسحت كما قال ابن جني في الخصائص "باب القول على الاطراد والشذوذ" فلا إشكال، ومعنى يدع حينئذ يسكن، وقد أحاط بنقل ما تقدم ما التفصيل والزيادة على نسبة القول لابن يعيش البغدادي في الخزانة شاهد ٣٥٧، والبيت من قصيدة طويلة من النقائض في مدح عبد الملك مع أنه ليس فيها ما يتصل بالمدح إلا هذا البيت مع آخر قبله، فإن ما قبلهما نسيب وما بعدهما في كلام الإبل والفخر بآبائه على جرير.
٣ راجع الشعر والشعراء، المبحث السابق، الشمال: الريح المعلومة والحاصب الريح التي تسير الحصباء، والزواحف جمع زاحفة: الإبل التي أعيت فجرت فراسنها "جمع فرسن كزبرج، وهو البعير كالحافر من دابة" وتزجي: تساق، ورير فاسد ذائب من الهزال. وقد تكلف بعض العلماء تصحيح الجر لرير بأن الأصل على زواحف رير مخها وهو كما ترى. ولذا اعترف الفرزدق مع المكابرة فقال نزجيها محاسير، والمحاسير جمع محسور أي متعب. والبيتان من قصيدة في مدح يزيد بن عبد الملك وهجاء يزيد بن المهلب.
1 / 61