وبحسبنا هذا المقدار من المناظرات والمجالسات، ومن أراد أن يتزيد فعليه الرجوع إلى الأشباه والنظائر "الفن السابع، فن المناظرات، والمجالسات والمذكرات، والمراجعات والمحاورات، والمكاتبات، والمراسلات، والواقعات، والفتاوى".
بقي علينا أن نعود إلى المقصود بالذات، فنتكلم على ما يتعلق بمشاهير البصريين والكوفيين في طبقاتهما، وأسباب الخلاف بين الفريقين وتغير اتجاهيهما وحكمة تخصص كل منهما باتجاهه، ونتائج هذه الفروق، والموازنة بين المذهبين فإن ذلك متصل بالأطوار الماضية.
مشاهير البصريين والكوفيين: جدير بمن يريد أن يفقه النحو على الوجه المرضي أن يتعرف تاريخ النحاة القدامى، ويقف على طبقاتهم التى انضووا إليها وترتيب هذه الطبقات بحسب الزمن منذ تدوينه إلى منتهى الاجتهاد فيه، وحبذا لو استكمل بمعرفة المتأخرين، إذ بذلك كله تنكشف له تطورات هذا الفن، ويقر في نفسه صحة انتساب القول لقائله، ويدرك وجهة الرد عليه ويتفهم حكمة الموافقة له وعلة مخالفته حتى لكأنه معهم يستمع بنفسه، ويرحل من بلد إلى آخر معهم. ولا جرم أن المعلومات إذا ارتبطت بمعرفة مصادرها رجالا وزمانا ومكانا تلقفتها العقول بالقبول، ورسخت في الحوافظ إذ نفذت إليها من سبيلها المنير، فلا تختلط مسائله، ولا تضطرب الآراء فيه على الطالب حتى يكون كضال في مهمة مشتبه الأعلام مغبر الأرجاء. قال أبو الطيب بعد كلام طويل أنحى فيه باللائمة على من يجهل الرجال وترتيبهم، وسرد كثيرا من الأمثلة في ذلك ما نصه: "ولقد بلغني عن بعض من يختص بهذا العلم ويرويه، ويزعم أنه يتقنه ويدريه، أنه أسند شيئا، فقال عن الفراء عن المازني فظن أن الفراء الذي هو بإزاء الأخفش كان يروي عن المازني١، وحدثت عن آخر أنه روى مناظرة جرت بين ابن الأعرابي _________ ١ والمازني أخذ عن الأخفش.
مشاهير البصريين والكوفيين: جدير بمن يريد أن يفقه النحو على الوجه المرضي أن يتعرف تاريخ النحاة القدامى، ويقف على طبقاتهم التى انضووا إليها وترتيب هذه الطبقات بحسب الزمن منذ تدوينه إلى منتهى الاجتهاد فيه، وحبذا لو استكمل بمعرفة المتأخرين، إذ بذلك كله تنكشف له تطورات هذا الفن، ويقر في نفسه صحة انتساب القول لقائله، ويدرك وجهة الرد عليه ويتفهم حكمة الموافقة له وعلة مخالفته حتى لكأنه معهم يستمع بنفسه، ويرحل من بلد إلى آخر معهم. ولا جرم أن المعلومات إذا ارتبطت بمعرفة مصادرها رجالا وزمانا ومكانا تلقفتها العقول بالقبول، ورسخت في الحوافظ إذ نفذت إليها من سبيلها المنير، فلا تختلط مسائله، ولا تضطرب الآراء فيه على الطالب حتى يكون كضال في مهمة مشتبه الأعلام مغبر الأرجاء. قال أبو الطيب بعد كلام طويل أنحى فيه باللائمة على من يجهل الرجال وترتيبهم، وسرد كثيرا من الأمثلة في ذلك ما نصه: "ولقد بلغني عن بعض من يختص بهذا العلم ويرويه، ويزعم أنه يتقنه ويدريه، أنه أسند شيئا، فقال عن الفراء عن المازني فظن أن الفراء الذي هو بإزاء الأخفش كان يروي عن المازني١، وحدثت عن آخر أنه روى مناظرة جرت بين ابن الأعرابي _________ ١ والمازني أخذ عن الأخفش.
1 / 52