Napoleon Bonaparte ee Masar
نابوليون بونابارت في مصر
Noocyada
هذان هما المصدران العربيان اللذان يصح الاعتماد عليهما؛ لأن صاحبيهما عاشا في تلك المدة، وشهدا بأعينهما، وسمعا بآذانهما، الحوادث التي دوناها، وإن كان كل واحد منهما يختلف عن الآخر اختلافا بينا؛ لأن الأول «الجبرتي» كان من علماء الأزهر وشيخ رواق الجبرتية، وكانت له علاقات وصلات بكبار المماليك، وأما الثاني فقد كان سوريا لبنانيا نزيلا في هذه الديار، وكانت له صلات بالتراجمة والمستشرقين من رجال الحملة الفرنسية.
ولننته أولا من المعلم نقولا لقصر موضوع الكلام في شأنه، فنقول: كل ما استطعت أن أحصل على معرفته من تاريخ هذا الرجل، هو أنه ولد في دير القمر بلبنان سنة 1763 وتوفي سنة 1828؛ أي: أنه كان يبلغ من العمر نحو 35 سنة حين كان في مصر أيام الحملة وأصل عائلته من الآستانة، واسم أبيه يوسف الترك أو التركي، ويظهر أنه حضر لمصر قبل الحملة بزمن قصير، وأنه كان في خدمة الأمير بشير الشهابي الدرزي الذي أرسله لمصر، وأذكر أني قرأت له أبياتا من الشعر في مدح الأمير بشير الشهابي في كتاب تاريخ الأمير حيدر.
أما رسالته عن الحملة الفرنسية فقد سبقت الإشارة إلى وصفها في مواضع كثيرة من هذا الكتاب، وعبارتها مسجعة، وفيها ركاكة، والغريب أنها لم تطبع في مصر ولا في سوريا كرسالة مستقلة ذات قيمة تاريخية، ولولا أن مسيو «ديجرانج إينية» حفل بها وطبعها في باريس مع ترجمتها الفرنسية لضاع أثرها بتاتا، وقد ذكر ديجرانج أنه نقل هذه النسخة من ثلاث؛ واحدة بخط المؤلف، أهداها لأحد مشايخ المارونية، والثانية أعطاها له مسيو كوسين ده برسيفال، والثالثة وجدها في المكتبة الملكية في باريس.
والرسالة في رأيي جديرة بالثقة في مواضع كثيرة، وخاصة في الحوادث والمسائل التي كانت في الجانب الفرنسي، والجالية الأجنبية في مصر، حيث البيئة التي يعيش حولها مثل المعلم نقولا الترك، وفضلا عن ذلك فإنه من مزايا هذه الرسالة أن صاحبها حفظ لنا بعض المنشورات التي أهملها الجبرتي عمدا أو سقطت من أوراقه.
ولا أدري بالضبط متى كتب المعلم رسالته، وما أظن أنه كان يكتبها في أثناء وقوعها حوادثها وهو في مصر، ولكن يظهر أنه جمع مذكرات وأوراقا ومنشورات، وصنف رسالته بعد عودته إلى سوريا حيث ترك النسخة الخطية لدى أحد شيوخ الموارنة، ولم يذكر في مقدمة رسالته شيئا عن تاريخ وضعها، ولا إشارة إلى أنه شهد حوادثها بنفسه، ولا متى حضر لمصر، ولا متى برحها، فإن من الجائز أنه لم يحضر الأيام الأولى من الاحتلال الفرنسي، ولم يشهد بنفسه واقعة إمبابة، وإن كانت روايته عن اجتماع المماليك في دار إبراهيم بك في القصر العيني، عند وصول خبر نزل الفرنسيين في الإسكندرية، تدل على أنه كان بالقاهرة وعارفا بأسماء كبار المماليك الذين شهدوا تلك الجلسة التاريخية.
ويؤكد ديجرانج مترجم رسالة المعلم نقولا إلى الفرنسية وطابعها بالعربية أنه قابل المعلم نقولا الترك في دير القمر بلبنان قبل وفاته، ولم يذكر لنا في أي وقت بالضبط قدم المؤلف القاهرة، ولكنه أكد لنا أن الذي أوفده إلى مصر هو الأمير بشير الشهابي حوالي عهد الحملة الفرنسية
2 «كذا» وأنه بقي في مصر مدة الحملة الفرنسية لغاية دخول الترك مع الإنجليز، كما هو ظاهر من الرسالة إذ ورد في آخرها ثناء على الأتراك «بعد الثناء على الفرنسيين»، وبعض أبيات قالها في مدح يوسف باشا الصدر الأعظم القائد للجيوش التركية.
أتى صدر الصدور لأرض مصر
بنصر أشرقت فيه الديانة
بعام قد كساه النور أرخ
Bog aan la aqoon