214

Napoleon Bonaparte ee Masar

نابوليون بونابارت في مصر

Noocyada

ذيل ثان

مكتبة الكتاب، أي: مصادره

يهتم كتاب الغرب بذكر المصادر التي اعتمدوا عليها في تأليف كتاب من الكتب وخصوصا التاريخية منها، فينشرون بيانا للكتب والتقارير والمذكرات وجميع المصادر التي استقوا معلوماتهم منها، ويسمون ذلك مكتبة الكتاب

Bibliographie ؛ أي: مصادره، وقد زاد بعضهم اهتماما بالمصادر إلى درجة أن خصص لها بحثا مستفيضا عن أصحاب تلك المصادر ومبلغ ما لهم من القيمة في تصوير الحقائق وتقريرها، ومن هؤلاء اللورد روزيري في كتابه عن نابوليون في سانت هيلانة؛ فإنه خصص الفصول الأولى من كتابه للبحث في المصادر ووصفها بأنها كالأساس الذي يبنى عليه المنزل.

ولقد أعجبني هذا الرأي حتى إنني قلت عنه في رسائل «من والد إلى ولده»، في باب دراسة التاريخ، ما يأتي:

ومما تجب العناية به في دراسة التاريخ والاشتغال به، تمحيص المستندات والمصادر التي اعتمد الكاتب المؤرخ عليها، وتقدير ما لتلك المستندات والمصادر من القيمة الحقيقية، ولم أر من المؤرخين من فحص مصادر مؤلفه وعرضها على القراء بنقد صحيح، ليكون القارئ على بصيرة بقيمة ما يسند إلى تلك المصادر، مثل اللورد روبري في كتابه العظيم عن نابوليون بونابرت في منفاه بجزيرة سانت هيلين، فإنه بدأ بذكر المصادر التي اعتمد عليها، وهم أولئك القواد والضباط ورجال حاشية الإمبراطور المنفي الذين كتبوا عنه ونقلوا أقواله أو أحاديثه وتصريحاته، وما كان بينه وبين حاكم الجزيرة من المشادة والخلاف والمشاكل، فبعد أن وصف منزلة كل كاتب منهم لدى الإمبراطور، وكيف كان من الممكن أن يكون موضع سره، وإلى أي حد يصح الاعتماد على رواية للكاتب في موقف من المواقف ، ومسألة من المسائل وما هو ماضي ذلك الكاتب، وما هي صفاته وأخلاقه، وما هي آراؤه السياسية والحزبية، كيما تقدر قيمة الثقة التي يحق له التمتع بها، وعلى هذه الطريقة وضع اللورد روزبري قاعدة جديدة في كتابه التاريخ، وقد عولت إن شاء الله أن اسلك هذه الطريقة في مقدمة الكتاب

1

الذي وضعته عن تاريخ الحملة الفرنساوية ونابوليون في مصر؛ إذ يتحتم أن يقف القارئ على القيمة الحقيقية لأكبر المصادر العربية في تلك الفترة التاريخية، وهو كتاب الشيخ عبد الرحمن الجبرتي وإلى أي حد تمكن الثقة بروايته، وكيف كانت علاقة ذلك المؤرخ بالمماليك أولا، وبالفرنساويين ثانيا، وما هي منزلته في درجة التحقيق وصدق الرواية، وما يصح الاعتماد فيه على قوله، وما لا يصح منه، في الظروف المختلفة، ثم مقارنة ذلك بالمصدر العربي الآخر، وهو رسالة المعلم نقولا الترك، وبيان الفارق بينهما من وجهة نظر الشيخ الأزهري المسلم، والمسيحي اللبناني، إلى تلك الحوادث والحالة السياسية، ويتبع ذلك مقابلة هذين المصدرين العربيين بالمصادر الفرنسية رسمية وغير رسمية ... •••

على هذا النحو كنت أطمع في دراسة، ووصف وتحليل، المصادر التي اعتمدت عليها في هذا الكتاب، ولكن أراني عاجزا عن تناول هذا البحث وإيفائه حقه كما تصبو إليه نفسي.

ولا ينكرن القارئ علي أنني تعرضت في متن الكتاب للحكم على أشخاص المؤلفين الذين اعتمدت عليهم، ونقلت عنهم، واستشهدت بهم، فيما كتبته عن عبد الرحمن الجبرتي والمعلم نقولا الترك وعن الشيخ الشرقاوي، وعلى غيرهم من الكتاب الإفرنج، ولكن تلك الإلمامات البسيطة الخفيفة لا تشبع مطمعي الأدبي.

Bog aan la aqoon