قلت: كم فيها؟ ... في أي شيء؟
قال: هذه الصلاة، التي سنصليها الآن! كم عدد ركعاتها؟
وفهمت ... فإن الرجل يجهل عدد ركعات الصلاة وخاف أن يقع في خطئها، فتشجع واسترشدني، سرني منه ذلك، وألقيت عليه درسا مختصرا في عدد ركعات كل صلاة، ومتى يجلس ومتى يقوم، ولكن ذلك لم يمنعه من سؤالي عن عدد الركعات كلما توجهنا إلى الصلاة ... ووجد صاحبي صلاة العشاء طويلة جدا ولهذا قرر حذفها من برنامجه وإبدالها براحة في المنزل.
وانتهينا من صلاة المغرب وأخذنا نتجول في الحرم المكي الذي كان حافلا بحلقات الدروس المختلفة، ووقف صاحبي أمام شاب شنقيطي كان يدرس مبادئ الآجرومية لنفر من الصبيان، وما كاد المدرس الشاب يشاهد صاحبي يقف عند رأسه حتى اعتراه اضطراب وقد ظنه عالما جليلا من كبار علماء المغرب العربي، فتلعثم في تقريره وأخذ يردد لتلاميذه هذه الجملة: قام زيد ... قلنا: قام زيد ... قام زيد ...
وقاطعه صاحبي قائلا: يا شيخ! ... وإذا كانت امرأة تقول: «قامت زيدة؟»
تبسم المدرس واستغرق تلاميذه في الضحك ولكن صاحبي لم يعجبه موقفهم فقال لي: لماذا يضحكون؟ ألم يعلمهم شيخهم قوله تعالى: «اسأل عن دينك حتى يقولوا بهلول»؟
قلت لنفسي: ألا في سبيل أخبار الوطن ما أنا متحمل.
انقضت أيام الحج بسلام، ورجع سيدي الحاج إلى بلاده بحجه المبرور وذنبه المغفور، حاملا معه مختلف التحف والهدايا للأهل والخلان، متوجا اسمه بلقب «الحاج»، تاركا هذه الذكريات الطريفة التي خلدته في ذاكرتي وجعلت منه أنموذجا بشريا ممتازا.
يحيى الضيف
لو قرأ يحيى في صغره لأتعبنا في كبره.
Bog aan la aqoon