فصل في تحقيق معنى الكلي
المعنى الكلي بما هو طبيعة ومعنى كالانسان بما هو إنسان شيء وبما هو عام أو خاص أو واحد أو كثير وذلك له بالقوة أو بالفعل شيء آخر فإنه بما هو إنسان فقط بلا شرط آخر البتة شيء ثم العموم شرط زائد على أنه إنسان والخصوص كذلك وأنه واحد كذلك وأنه كثير كذلك وليس ذلك إذا فرضت هذه الأحوال بالفعل فقط بل وإذا فرضت هذه الأحوال أيضا بالقوة واعتبرت الانسانية بالقوة كان هناك إنسانية واعتبار غير الانسانية مضاف فتكون الانسانية وإضافة ما فالانسانية بما هي إنسانية لا عامة ولا خاصة لا بالقوة أحدهما ولا بالفعل بل يلزمها ذلك وليس إذا كانت الانسانية لا توجد إلا واحدة أو كثيرة تكون الانسانية بما هي إنسانية إما واحدة وإما كثيرة ففرق بين قولنا إن هذا لا يوجد إلا وله أحد الحالين وبين قولنا إن أحد الحالين له بما هو إنسانية وليس يلزم من قولنا إن الانسانية ليست بما هي إنسانية واحدة إن الانسانية بما هي إنسانية كثيرة كما لو فرضنا بدل الانسانية الوجود الذي هو من جهة أعم من الواحد والكثير ولا أيضا نقيض قولنا إن الانسانية بما هي إنسانية واحدة أن الانسانية بما هي إنسانية كثيرة بل أن الانسانية ليست بما هي انسانية واحدة ولا كثيرة - وإذا كان ذلك كذلك جاز أن توجد لا بما هي إنسانية بل بما هي موجودة واحدة أو كثيرة - وإذا عرفت هذا فقد يقال كلي للانسانية بلا شرط ويقال كلي للانسانية بشرط أنها مقولة بوجه ما من الوجوه المعلومة على كثيرين. والكلي بالاعتبار الأول موجود بالفعل في الأشياء وهو المحمول على كل واحد لا على أنه واحد بالذات ولا على أنه كثير فإن ذلك ليس له بما هو إنسانية وأما الاعتبار الثاني فله جهتان - أحدهما اعتبار القوة في الوجود - والثاني اعتبار القوة إذا صار مضافا إلى الصورة المعقولة عنها - أما اعتبار القوة في الوجود حتى يكون إنسانية في الوجود وهي بالقوة بعينها محمولة على كل واحد فتنتقل من واحد إلى واحد فتكون لم تفسد ذات الأول بل الخاصة وتكون هي بعينها بالفعل شيء واحد في الوجود محمولا على كل واحد وقتا ما فهذا غير موجود فبين ظاهر أن الانسان الذي اكتنفته الأعراض المخصصة بشخص لم تكتنفه أعراض شخص آخر حتى يكون ذلك بعينه في شخص زيد وشخص عمرو ويكون بعينه مكتنفا بأعراض متضادة - وأما اعتبار القوة بالوجه الأخير فموجود فإن الانسانية التي في زيد إذا قيست إلى الصورة المعقولة عنها لم تكن ما يعقل منها أولى بالحمل على زيد منه بالحمل على عمرو ولا تأثيرها في النفس صورة عقلية مأخوذة
Bogga 180