138

المطلق وهو أن تكون الصورة المعقولة حاضرة فيه وهو يطالعها ويعقلها بالفعل ويعقل أنه يعقلها بالفعل فيكون حينئذ عقلا مستفادا لأنه سيتضح لنا أن العقل بالقوة إنما يخرج إلى الفعل بسبب عقل هو دائما بالفعل. وأنه إذا اتصل به العقل بالقوة نوعا من الاتصال انطبع منه بالفعل فيه نوع من الصور تكون مستفادة من خارج - فهذه أيضا مراتب القوى التي تسمى عقولا نظرية وعند العقل المستفاد يتم الجنس الحيواني والنوع الانساني منه وهناك تكون القوة الانسانية تشبهت بالمبادئ الأولية للوجود كله. فصل في طرق اكتساب النفس الناطقة للعلوم واعلم أن التعلم سواء حصل من غير المتعلم أو حصل من نفس المتعلم متفاوت فإن من المتعلمين من يكون أقرب إلى التصور ولأن استعداده الذي قبل الاستعداد الذي ذكرناه أقوى فإن كان ذلك الانسان مستعدا للاستكمال فيما بينه وبين نفسه سمي هذا الاستعداد القوي حدسا - وهذا الاستعداد قد يشتد في بعض الناس حتى لا يحتاج في أن يتصل بالعقل الفعال إلى كبير شيء وإلى تخريج وتعليم بل يكون شديد الاستعداد لذلك كأن الاستعداد الثاني حاصل له. بل كأنه يعرف كل شيء من نفسه - وهذه الدرجة أعلى درجات هذا الاستعداد. ويجب أن تسمى هذه الحال من العقل الهيولاني عقلا قدسيا وهو من جنس العقل بالملكة إلا أنه رفيع جدا ليس مما يشترك فيه الناس كلهم ولا يبعد أن تفيض هذه الأفعال المنسوبة إلى الروح القدسي لقوتها واستعلائها فيضانا على المتخيلة أيضا فتحاكيها المتخيلة أيضا بأمثلة محسوسة ومسموعة من الكلام على النحو الذي سلفت الإشارة إليه. ومما يحقق هذه أن من المعلوم الظاهر أن الأمور المعقولة التي يتوصل إلى اكتسابها إنما تكتسب بحصول الحد الأوسط في القياس - وهذا الحد الأوسط قد يحصل ضربين من الحصول فتارة يحصل بالحدس والحدس فعل للذهن يستنبط به بذاته الحد الأوسط والذكاء قوة الحدس وتارة يحصل بالتعليم ومبادئ التعليم الحدس فإن الأشياء تنتهي لا محالة إلى حدوس استنبطها أرباب تلك الحدوس ثم أدوها إلى المتعلمين - فجائز أن يقع للإنسان بنفسه الحدس وأن ينعقد في ذهنه القياس بلا معلم وهذا مما يتفاوت بالكم والكيف أما في الكم فلأن بعض الناس يكون أكثر عدد حدس للحدود الوسطى وأما في الكيف فلأن بعض الناس أسرع زمان حدس - ولأن هذا التفاوت ليس منحصرا في حد بل يقبل الزيادة والنقصان دائما وينتهي في طرف النقصان إلى من لا حدس له البتة فيجب أن ينتهي أيضا

Bogga 138