فصل في التخلخل والمكاثف
وينبغي أن تعلم أن هذه الأجسام تقبل التكاثف والتخلخل بأن يصير جسم أصغر مما كان من غير وصل جزء عنه أو أكبر مما كان من غير وصل جزء به وذلك بين من القارورة تمص فتكب على الماء فيدخلها الماء فأما أن يكون وقع الخلاء وهو محال وإما أن يكون الجسم الكائن فيها قد خلخله القسر الحامل إياه على تخليه المكان ثم كثفه برد الماء أو تكاثف بطبعه فرجع إلى حجمه الطبيعي عند زوال السبب المخلخل إياه خارجا عن طبعه وهذه الأزقاق والأواني التي تتصدع عند غليان ما فيها أو تسخينه إما من طبعه وإما من نار توقد عليه لا يخلو إما أن يكون ذلك الانصداع لأجل حركة تعرض لما فيها مكانية قوية من تلقائه - أو الحركة تعرض لها من محرك دافع أو لحركة لها من باب الكم بتخلخل وانبساط لا يسع مثله سطح الوعاء والقسم الأول محال لأن تلك الحركة إما أن تكون فيها إلى جهة واحدة أو إلى الجهات كلها فإن كانت إلى جهة واحدة فإن نقل الإناء وحمله ربما كان أسهل من صدعه فيجب أن تنقل الإناء وتحمله في أكثر الأمر لا أن تصدعه وإن كانت إلى جهات مختلفة فيلزم من ذلك أن تكون طبيعة متشابهة يعرض فيها أن تتحرك حركات بالطبع مختلفة وهذا محال وإن كان إنما يتحرك مثلا لدافع مثل ما يظن أن النار تدخل الماء المغلي فيصير أكبر حجما فينصدع الإناء فلا يخلو إما أن يدخل ثقبا خالية وإما أن لا يدخل ثقبا خاليا بل يحدث ثقبا ومنافز فيه وحال أن لا يدخل ثقبا خاليا فإن الخلاء ممتنع - وأيضا إذا امتلأت الثقب الخالية لم يجب أن يزداد حجم الجسم كله بل وجب أن يكون على ما هو عليه وأما القسم الثاني فلا يخلو إما أن يزيد في الحجم مع مماسة سطح الجسم الذي فيه قبل النفوذ في ثقب مستحدثة فيه أو بعد أن يثقب ويدخل وكلا القسمين باطل - أما مع المماسة فإن نفس المماسة لا توجب زيادة حجم الشيء نعم ربما كان المماس يدفع ويضغط بقوته إلى جهة واحدة مخالفة لجهة حركته ومضطرة إليها - ولا يجب من ذلك أن ينصدع ما يحتوي على المدفوع بل ينتقل على ما بينا على أنه كثيرا ما يعرض ذلك لا بسبب نار واصلة من خارج بل لأن المحوى يسخن من تلقاء نفسه ومحال أن يقال إن الانصداع واقع بزيادة الحجم بسبب المخالطة من النافذ الثاقب فنقول أن هذا القسم أيضا محال لأنه لا يخلو إما أن تكون الزيادة في الحجم آن الانصداع أو يكون الحجم قد زاد قبله وكلا القسمين محال - أما الأول فلأن كل آن يكون فيه نافذا يمكن أن يفرض قبله آن آخر كان فيه نافذا لأن النفوذ مجاورة السطوح بالحركة ويكون له مسافة ما وتلك
Bogga 124