أحدها: ما كان على وجه الجبلة أي الخلقه يعني أنه خلق غير مستغنى عنها كالأكل والشرب والنوم وغير ذلك وهذا الوجه من فعله عليه الصلاة والسلام مباح له ولغيره اتفاقا.
الوجه الثاني: ما خص به عليه الصلاة والسلام من بين سائر أمته كتزويج ما فوق أربع وكالخلوة بالأجنبيات إلى غير ذلك، وهذا الوجه لا يصح لأحد أن يقتدي به.
الوجه الثالث: من أفعاله عليه الصلاة والسلام ما كان بيانا لنص كفعله الصلاة والمناسك الحجية بقرينة قوله - صلى الله عليه وسلم - : «خذو عني مناسككم»، و«صلوا كما رأيتموني أصلي» وما عدا هذه الثلاثة الأوجه من أفعاله عليه الصلاة والسلام فنوعان:
أحدهما: ما علمت صفته من وجوب أو ندب أو إباحة فهو على ما علم.
والنوع الثاني: ما لم تعلم صفته، وقد اختلف فيه هل يحمل على الوجوب أو على الندب أو على الإباحة إلى غير ذلك مما قيل فيه، فانظر من أي الوجوه غسل - صلى الله عليه وسلم - للدم ولا أظنك تجده إلا من الوجه الذي علمت صفة وجوبه أو من الوجه الذي ورد بيانا للنص بقرينة قوله تعالى: { فإنه رجس } وقوله - صلى الله عليه وسلم - : «الوضوء من كل دم سائل» لا يقال ليس كل ما وجب غسله ثبتت نجاسته فإن بدن الجنب والحائض والنفساء يجب غسله وإن لم تصبه النجاسة مع أنه طاهر لقوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي هريرة وقد أراد أن يصافحه - صلى الله عليه وسلم - فقال أبي هريرة: إني جنب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «أما المؤمن لا ينجس حيا ولا ميتا» ولقوله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة: «ليست الحيضة في يدك» حين قال لها ناوليني الخمرة من المسجد، قالت: وكان يدني إلي رأسه الشريف وأنا في حجرتي فأرجله وأغسله وأنا حائض وكان يتكأ في حجري فيقرأ القرآن وقال لي: «ناوليني الخمرة من المسجد» فقلت: أنا حائض، قال: إن حيضتك ليست في يدك » فقمت فناولته.
Bogga 4