وصرخ فكري: لا، في عرضك، أنا سأضبط المنبه في الأيام التي لا أكون منهكا فيها، إن الله غفور رحيم. - هذه هي الصفة الوحيدة التي تعرفها، على كل حال لا بأس ما دمت تعرف صفة من صفات الله، مع السلامة يا بني. - مع السلامة يا ماما.
الفصل السادس عشر
مر على فرح مجدي عشرة أيام ثم لم يستطع دردير انتظارا وطلب سويلم بمحل تجارته: صباح الخير يا أفندم أنا دردير إسماعيل. - أهلا وسهلا سعادة البك، أنا أعرف سعادتك من مجدي. أهلا وسهلا. - مجدي أخذ إجازة خمسة عشر يوما. - نعم يا أفندي. - أينوي أن يقضيها كلها بالإسكندرية؟ - والله هو ينوي ذلك إنما إن كنت تريد نطلبه. - لا أبدا شكرا، أنا فقط أردت أن أطمئن عليه، طبعا هو بيكلم سعادتك. - كل يومين أو ثلاثة. عريس كما تعلم سعادتك والعقبى لأبنائك. - ربنا يهنيه ويسعده ويبارك لي فيه. - ألف شكر يا سعادة البك.
المكالمة لا تحتمل أكثر من هذا ولكنه لم يخرج منها بشيء، اضطر أن يبحث عن شيء فوجد نفسه يقول: المسألة إن فيه ورقة هامة كنت أريد أن يوقع عليها. - وما له تحت أمرك، أرسلها إلي وأنا أرسلها مع أحد عمال المحل.
لا حول ولا قوة إلا بالله ماذا أقول له الآن؟ النهاية الأمر لله.
قال درديري: أبدا أبدا، حضرتك فقط قل لي اسم الفندق وأنا أرسل ساعيا من عندنا. - هو في فندق فلسطين بالمنتزه. - ألف شكر يا سيدي ألف شكر، السلام عليكم. •••
كان مجدي يستعد للقيلولة حين دق جرس التليفون في حجرته، وأخبره الفندق أن الأستاذ درديري إسماعيل يريد أن يكلمه، وحين أوصله به: أهلا درديري بك مرحبا. - لا عليك يا مجدي يا ابني أنا أقلقت راحتك، ألف مبروك مرة أخرى.
ودهش مجدي، أيطلبه من القاهرة ليقول له ألف مبروك وهو قد حضر الفرح؟! أدرك أن الأمر أكبر من هذا بكثير. - يا أفندم أطال الله عمرك. - أنا أريدك يا مجدي. - أجيء إلى القاهرة. - أنا يا ابني هنا عندك في الفندق وأريد أن أكلمك وحدنا. - لحظات وأكون معك. ••• - أكذب لو قلت لك إنني جئت إلى الفرح لأهنئك. - خير يا درديري بك؟ - بل ليس خيرا مطلقا. - ماذا؟ ماذا حدث؟ - يوم فرحك كنت أبحث لنفسي عن رباط عنق يليق بالفرح، لم أجد عندي قلت في نفسي طبعا هشام عنده كل أربطتي، ذهبت إلى دولابه وفتحته بمفتاح معي فانفتح، وأخذت رباط العنق وهممت أن أقفل الدولاب، ولكنني وجدت قمصانه مرتبة ترتيبا غير منسجم، فوضعت يدي عليها بصورة عفوية فسمعت صوتا لا يتأتى من قماش، المهم، وجدت في دولاب هشام سبعمائة جنيه يا مجدي يا ابني، ربنا يعلم ما ألم بي، لم أستطع أن أقول شيئا لأمه، ولم أستطع أن آخذ المبلغ وأسأله لأنه سيكذب علي، وجئت لك الفرح خصيصى لأسألك عما تعرفه عن نشاط فكري وزفت الآخر، لم أستطع أن أنال لحظة معك. - أنا آسف يا عم درديري. - وأنت ما ذنبك، رجعت إلى البيت ولم يغمض لي جفن حتى الصباح، وتركت العمل وتبعت الولد دون أن يشعر، المهم عرفت أنه وفكري وحمدي متصلون بشخص غاية في الثراء، لي ابن عم في الشرطة، تظاهرت أنني أزوره لغير غرض، فعرفت أن الشخص الذي يعرفونه واسمه علوان سلطان من أكبر تجار المخدرات، وأنه يستغل الشباب الذي لا يدل مظهره على أية شبهة، وعلمت أيضا أنه يعمل تاجرا في الرقيق الأبيض. - يا خبر أسود! - من جهتي أنا رجعت إلى البيت ووجدت الفلوس في مكانها، انتظرت الولد حتى جاء وضربته. - ضربته؟ - بالحذاء. - وهو ماذا فعل؟ - هددته أنني سأبلغ عنه وعن علوان، ورأى في عيني الجد وفعلا كنت أنوي أن أفعل ذلك، أنا عشت عمري كله أضيق على نفسي وعلى زوجتي وعلى ابنتي والولد لأكون شريفا، إذا كان هذا الولد سيلوث اسمي ليذهب في ستين داهية، شرفي ومستقبل أخته وسلام بيتي أهم منه، أمرته أن يذهب إلى البلد ويعيش مع عمته حتى أرسل له. - وأطاع؟ - لو لم يكن يخشى أن أبلغ عنه ما أطاع، الفلوس في متناول يده وعلوان عنده. أطاع غصبا عن عينيه وسافر. - لا حول ولا قوة إلا بالله. - لا حول ولا قوة إلا بالله، أتظنني أجهل هذا، أتظن أنني جئت إليك من مصر خاصة لمجرد أن أحكي لك. - أنا تحت أمرك. - الولدان الآخران. - ما شأنهما؟ - فؤاد أبو فكري طبعا لا يعرف شيئا وكذلك الولد الآخر، وأنا لا أعرفهما، وأخشى أن يضبطا ويذكرا اسم هشام. - الله! لقد نبهتني. - ألم تكن تنبهت؟ إذا أنا ذهبت إلى فؤاد وأخبرته ما الذي يجعله يصدقني، وحتى لو صدقني كيف أجابه الرجل على غير معرفة وأفجعه هذه الفجيعة؟ - لا عليك، ربنا معك، اترك الأمر لي. •••
قال لزوجته: لا بد أن نسافر إلى مصر. - خير يا مجدي؟ - ستعرفين حين أجد الوقت مناسبا، ولكن من حقك أن تعرفي أنها مسألة لا تمسني شخصيا، ولا تمس أي شخص يهمك، وكل ما أرجوه منك أن تثقي في. - أأعطيك حياتي كلها ولا أثق فيك، أنا تحت أمرك.
دهش سويلم وهو يرى ابنه وزوجته داخلين إلى البيت، وحاول أن يخفي دهشته ولكن نعمات لم تستطع: حسبت أنك ستمد الإجازة خمسة عشر يوما، خيرا يا بني، خيرا يا سميحة.
Bog aan la aqoon