٧٤ - وَفِي الْحَشْرِ مِيزَانٌ (١) وَنَارٌ وَجَنْةٌ ... وَفِيهِ صِرَاطٌ لِلْمَزَلَّةِ (٢) وَالْعَبْرِ
_________
(١) والميزان هو آلة الوزن المعروفة، ومما يؤيد ذلك أن الميزان مفعال، والمفعال قياسي في اسم الآلة. وانظر أضواء البيان (٧/ ١٨٣،الشورى / ١٧)، وظاهر عبارة المصنف اختيار أنه ميزان واحد، وقال العلامة الشنقيطي ﵀ في أضواء البيان (٤/ ٦٣٧، الأنبياء / ٤٧): [قوله في هذه الآية الكريمة: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ﴾ جمع ميزان، وظاهر القرآن تعدد الموازين لكل شخص، لقوله: ﴿فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ﴾، وقوله: ﴿وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ﴾ فظاهر القرآن يدل على أن للعامل الواحد موازين يوزن بكل واحد منها صنف من أعماله، كما قال الشاعر:
ملك تقوم الحادثات لعدله ... فلكل حادثة لها ميزان
والقاعدة المقررة في الأصول: أن ظاهر القرآن لا يجوز العدول عنه إلا بدليل يجب الرجوع إليه. وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة: الأكثر على أنه إنما هو ميزان واحد، وإنما جمع باعتبار تعدد الأعمال الموزونة فيه].
(٢) «روى الحاكم في المستدرك (٢/ ٤٠٨) (٣٤٢٤): [عن عبد الله ﵁ قال: يجمع الناس يوم القيامة قال: فينادي مناد، يا أيها الناس: ألم ترضوا من ربكم الذي خلقكم، ورزقكم، وصوركم أن يولي كل إنسان منكم إلى من كان يتولى في الدنيا؟ قال: ويمثل لمن كان يعبد عزيرًا، شيطان عزير حتى يمثل لهم الشجرة، والعود، والحجر، ويبقى أهل الإسلام جثومًا، فيقال لهم: مالكم لا تنطلقون كما ينطلق الناس؟ فيقولون: إن لنا ربا ما رأيناه بعد، قال: فيقال فبم تعرفون ربكم إن رأيتموه؟ قالوا: بيننا وبينه علامة، إن رأيناه عرفناه، قيل: وما هي؟ قالوا: يكشف عن ساق، قال: فيكشف عند ذلك عن ساق، قال: فيخر من كان لظهره طبقا ساجدا، ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر، يريدون السجود فلا يستطيعون، ثم يؤمرون فيرفعون رؤسهم فيعطون نورهم على قدر أعمالهم قال: فمنهم من يعطي نوره مثل الجبل بين يديه، ومنهم من يعطي نوره فوق ذلك، ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه، ومنهم من يعطى دون ذلك بيمينه حتى يكون آخر ذلك من يعطي نوره على إبهام قدمه يضيء مرة ويطفئ مرة، فإذا أضاء قدمه، وإذا طفئ قام، فيمر ويمرون على الصراط، والصراط كحد السيف، دحض مزلة، فيقال: انجوا على قدر نوركم، فمنهم من يمر كانقضاض الكوكب، ومنهم من يمر كالطرف، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كشد الرجل، ويرمل رملا فيمرون على قدر أعمالهم حتى يمر الذي نوره على إبهام قدمه، قال: يجر يدا ويعلق يدا، ويجر رجلا، ويعلق رجلا، وتضرب جوانبه النار قال: فيخلصوا، فإذا خلصوا قالوا: الحمد لله لذي نجانا منك بعد الذي أراناك، لقد أعطانا الله ما لم يعط أحدا] وصححه على شرطهما، ووافقه الذهبي، وفي إسناده اختلاف، إلا أن له شاهدًا عن سلمان ﵁ وقد صححه الشيخ الألباني ﵀ وانظر الصحيحة (ص/٤١٥) (٩٤١). ومعنى: (مزلة) أي لا تثبت عليه الأقدام، قال ابن الأثير في النهاية، باب: الزاي مع اللام: [وفي صفة الصراط (مَدْحَضَة مَزَلَّة): المَزَلَّة مفعَلةٌ من زَلَّ يَزل إذا زَلق وتُفْتح الزَّاي وتُكْسر أراد أنَّه تزلَقُ عليه الأقْدَام ولا تثبت].
1 / 62