أيام. قال أيها الملك إني نظرت في طالعك فظهر لي أنه ما بقي من عمرك إلا أربعون يومًا فإن لم تصدقني فاحبسني عندك لتقتصّ مني فأمر الملك بحبسه وأخذ الملك في التأهب للموت ورفع جميع الملاهي وركبه الهمّ والغمّ واحتجب من الناس وصار كلما مضى يوم يزداد همًا ويتناقص حاله، فلما مضت الأيام المذكورة طلب الحكيم وكلمه في ذلك، فقال له أيها الملك إنما فعلت ذلك حيلة على ذهاب شحمك وما رأيت لك دواء يفيدك إلا هذا الدواء فخلع عليه الملك خلعة سنية وأمر له بمال جزيل.
حكاية: سأل بعض الملوك وزيره هل الأدب يغلب الطبع أم الطبع يغلب الأدب؟ فقال الطبع يغلب الأدب لأنه أصل والأدب فرع وكل فرع يرجع إلى أصله، ثم إن الملك استدعى الشراب وأحضر سنانير بأيديهم الشماع فوقفت حوله، فقال للوزير انظر خطأك في قولك الطبلع يغلب؟ فقال الوزير أمهلني الليلة. قال قد أمهلتك، فلما كان الليلة الثانية أخذ الوزير في كمه فأرة وربط في رجلها خيط ومضى إلى الملك، فلما أقبلت السنانير بأيديها الشماع أخرج الفأرة من كمه، فلما رأتها السنانير رمت بالشماع وتبعت الفأرة فكاد البيت أن يحترق، فقال الوزير انظر أيها الملك كيف غلب الطبع الأدب ورجع الفرع إلى أصله؟ قال صدقت لله درك.
حكاية: قيل إن ابراهيم بن المهدي اختفى مرة عن المأمون عند عجوز فقالت له سأحتال لك في شيء من الدراهم، فقال لا بأس فأتت المأمون وقالت له إن دللتك على ابراهيم بن المهدي ماذا تجعل لي؟ قال مائة ألف درهم، فقالت وجه معي رسولًا ومره أن يطيعني في جميع ما آمره به وأعطه ألف دينار وأمره بما قالت فجاءت به إلى مسجد فيه صندوق كبير وقالت له ادخل في هذا الصندوق فامتنع، فقالت له ألم يأمرك أمير المؤمنين بطاعتي فكيف تمتنع وإن لم تفعل انصرفت فدخل حسين في الصندوق وأتت بحمال فحمله فجعلت تطوف به في الأسواق والشطوط فمرّة يسمع صوت الحدادين ومرة يسمع صوت الملاحين، فلما
أظلم الليل أدخلته دارًا وفتحت عنه فإذا هو بمجلس عظيم وفي صدره ابراهيم بن المهدي يشرب وبين يديه قيان يغنين فأكب على رجلي ابراهيم يقبلهما وتناولت العجوز منه الدنانير فسأله ابراهيم عن المأمون وناوله القدح فشرب ثم قدم له
1 / 57