وقال خذ هذه أجرتك لوصفك وإن نفعنا الكحل زدناك يا ابن الفاعلة، فضحك الرشيد حتى كاد أن يسقط عن ظهر دابته.
حكاية: قيل إن بعض الملوك كان مغرمًا بحب النساء وكان وزيره ينهاه عن ذلك فرأته بعض قيانه متغير الحال عليهن، فقالت له يا مولاي ما هذا، فقال لها إن وزيري فلانًا قد نهاني عن محبتكن، فقالت الجارية هبني له أيها الملك وسترى ما أصنع به، فوهبها له فلما خلا بها تمنعت منه حتى تمكن حبها من قلبه، فقالت لا تقربني حتى أركبك وتمشي به خطوات، فأجابها إلى ذلك فوضعت عليه سرجًا وجعلت في رأسه لجامًا وركبته، وكانت قد أرسلت إلى الملك بهذا الخبر فهجم عليه الملك وهو على تلك الحالة، فقال ما هذا أيها الوزير كنت تنهاني عن محبتهن وهذه حالتك معهن، فقال أيها الملك من هذا كنت أخاف عليك فاستحسن منه هذا الجواب.
حكاية: قال هشام الكلبي: إن ناسًا من بني حنيفة خرجوا يتنزهون إلى جبل لهم فرأى فتى منهم في طريقه جارية فرمقها وقال لأصحابه لا أنصرف والله حتى أرسل إليها وأخبرها بحبي لها فمنعوه فأبى ان يكف وأقبل يراسل الجارية وتمكن من قلبه حبها فانصرف أصحابه وأقام الفتى في ذلك الجبل فمضى إليها متقلدًا سيفًا وهي بين أخوين لها نائمة فأيقظها فقالت انصرف لئلا ينتبه أخواي فيقتلانك، فقال الموت والله أهون مما أنا فيه ولكن إن أعطيتني يدك حتى أضعها على قلبي انصرفت فأعطته يدها فوضعها على قلبه وصدره وانصرف، فلما كانت الليلة الثانية أتاها وهي على تلك الحال فأيقظها، فقالت من ذا وأنشدت تقول:
متى تزر قوم من تهوى زيارتها ... لا يتحفوك بغير البيض والأسل
تريد بذلك تخويفه. قال الذي يقول:
والهجر أقتل مما أراقبه ... أنا الغريق فما خوفي من البلل
ثم قال إن مكنتني من شفتيك أرشفهما انصرفت فأمكنته فرشفهما ساعة ثم انصرف فوقع في قلبها من حبه مثل الذي وقع بقلبه منها وفشى خبرهما في الحي فقال أهل الجارية ما
مقام هذا الفاسق في هذا الجبل اخرجوا بنا إليه حتى نخرجه هذه الليلة فبعثت إليه الجارية آخر النهار أن القوم يأتونك الليلة فاحذر، فلما أمسى قعد على مرقب ومعه قوسه وسهمه ووقع في الحيّ أول الليل
1 / 53