٢ - أبو الحسن الغَرَّافِي (١) - أحد شيوخ الرحلة في طلب الحديث:
هو تاج الدين أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد المحسن بن أبي العباس، الحسيني الإسكندري، الإمام العلامة، الثقة، الفقيه، ولد بعد العشرين وستمائة، وهو نموذج لشيوخ المؤلف الذين تلقى عنهم الحديث في رحلاته إلى الإسكندرية، وقد ذكره ضمن أحفظ من لَقِي من الشيوخ، وقال عنه: ثم دخلت الإسكندرية، وكتبتُ بها في رحلتي الأولى، وما بعدها عن زهاء مائة شيخ، لم يكن فيهم من بُشار بالعلم إليه، ويعول في المعرفة عليه إلا السيد، الشريف، الإمام، العالم، المحدث، المفيد تاج الدين ... كان ذا معرفة وإتقان، وتقدم بين الأقران، له أسانيد عَلِيَّة، ونظر في الفقه وأهلية ...، ثم قال: كان شيخًا بدار الحديث البهية، وكتب عنه شيخنا ابن دقيق العيد، وجماعة من الأكابر اهـ. وقد توفي هذا الإمام سنة ٧٠٤ هـ (٢).
وكلام ابن سيد الناس هذا عنه، يفيد أنه كان يقدر شيخه هذا قدره، ويرى تميزه عن باقي شيوخ جهته بالمعرفة وعلو الإسناد، وأنه استفاد منه، وكتب عنه الحديث بأسانيده العالية بحيث ساوى في روايته عنه شيخه ابن دقيق العيد، وهذا يمثل أثر هذا الشيخ في التكوين الحديثي للمؤلف.
٣ - شامية بنت البكري، أَمَةُ الحق، وأثرها:
هذه الشيخة كما قدمت تعتبر نموذجًا لإِسهام المرأة المُسلِمة في عصرها في تحمل الحديث وأدائه لطلابه، واصِلَةً بذلك حَبل سلفها الصالحات، المتسلسل إلى أمهات المؤمنين وغيرهن من حَملة السنة ومؤديها عن رسول الله ﷺ فمن بعده ...
وهي أيضًا دليل على همة المؤلف في الطلب، بحيث لم يقتصر على حملة السنة من الرجال، مع كثرتهم، بل طلب ما عند النساء، خصوصًا ما تفردن بروايته آنذاك كما هو شأن شيخته هذه، فقد ترجم لها الذهبي بقوله: شامية،
_________
(١) بفتح الغين المعجمة، وتشديد الراء، وفاء موحدة.
(٢) انظر ذيل ابن فهد على تذكرة الحفاظ / ٩٤، ٩٥.
1 / 34