في الطلب بنفسه بسنة ٦٨٥ هـ كما تقدم، يفيد أن رحلاته بدأت من تلك السنة فما بعدها.
وقد قرر الصفدي ذلك فقال: وفي سنة ٨٥ - يعني وستمائة- كتب الحديث بخطه عن الشيخ قطب الدين بن القسطلاني، وقرأه بلفظه عليه، وعلى أصحاب ابن طَبْرَزْد وأصحاب الكِندي وابن الحرستاني، بمصر والشام والحجاز والإِسكندرية (١).
ولم أجد تحديدًا لتاريخ رحلاته إلى تلك البلاد، غير الشام، حيث قرر المؤلف بنفسه سنة دخوله إلى دمشق، وتفاصيلَ عن تلقيه الحديث بها، فقال: ثم دخلت دمشق في حدود سنة تسعين وستمائة، فألفيت بها الشيخ الإمام، شيخ المشايخ -يعني أحمد بن إبراهيم بن عمر الفاروثي- وقال عنه: كان ممن قرأ القرآن بالحروف -يعني القراءات- وازدحم الناسِ على القراءة عليه، والفوز بما لديه، وطلب الحديث قديمًا، ولم يزل لذلك مديمًا وللسنة النبوية خديمًا حتى لقد سمعت بقراءته بدمشق على ابن مؤمن، وابن الواسطي، قطعة كبير من المعجم الكبير، لأبي القاسم الطبراني وربما قرأت عليه وعلى ابن الواسطي شيئًا مما اشتركا فيه من الروايات العراقيات عن عمر بن كرم، والسهروردي، وأمثالهما، ثم قال: ناولته يومًا استدعاء -يعني طلب- إجازة ليكتب عليه فكتب مرتَجلًا .... وذكر نظم الإجازة في ثلاثة أبيات، ثم أرخ وفاة الفاروثي هذا في مستهل ذي الحجة سنة ٦٩٤ هـ بواسطة القصب من أرض العراق (٢).
أقول: وتأريخه دخول دمشق هذا بقوله: في حدود سنة ٦٩٥ هـ يشير إلى أن هذا تحديد تقريبي، وقد حدد غيره تحديدًا دقيقًا فذكر الذهبي والصفدي وابن رجب وغيرهم: أن ابن سيد الناس رحل إلى دمشق ليدرك الفخر ابنَ البُخاري ففاته بليلتين، فتألم لذلك (٣) وقال ابن حجر: ورحل إلى دمشق،
_________
(١) الوافي ١/ ٢٩٠.
(٢) ذيل ابن فهد على تذكرة الحفاظ / ٨٥ - ٨٨.
(٣) الدرر الكامنة ٤/ ٣٣١. الوافي بالوفيات ١/ ٢٩٠ وذيل طبقات الحنابلة لابن رجب ٢/ ٣٢٧ وفوات الوفيات ٣/ ٢٨٨.
1 / 23