173

هو التصديق باللسان خاصة ، وكذلك الكفر هو الجحود باللسان ، والفسق كل ما خرج من طاعة الله تعالى إلى مخالفته ، ومنهم من ذهب إلى أن الإيمان هو التصديق بالقلب واللسان معا ، وقال في الكفر إنه الجحود بهما.

وقالت المعتزلة : الإيمان اسم الطاعات ، ثم اختلفوا فقال واصل بن عطا وأبو الهذيل العلاف وأصحابهما : أنه اسم لكل طاعة من الفرائض والنوافل ، وقال أبو هاشم وأبو علي وأكثر المعتزلة : إن الإيمان اسم للواجب من الطاعات دون النفل ، وعندهم أن الإيمان والإسلام والدين واحد متفق في الفائدة.

والفسق عندهم اسم لما استحق به العقاب ، وليس كل معصية فسقا ؛ لأن الصغائر المكفر عقابها لا يسمونها فسقا ، والكفر عندهم اسم لما استحق به عقاب عظيم ، واجريت على فاعله أحكام مخصوصة ، وعندهم أن مرتكب الكبيرة فاسق ليس بمؤمن ولا كافر.

فأما الخوارج فإنهم يقولون في الإيمان بما يضاهي قول المعتزلة ، لكنهم يقولون : إن المعاصي التي يفسق فاعلها بفعلها كفر. وفيهم من أطلق على فاعلها أنه مشرك ، والفضيلية منهم تسمي كل من عصى الله تعالى بمعصية كبيرة كانت أو صغيرة كافرا مشركا.

فأما الزيدية فإنهم يجعلون الكبائر كفر نعمة ، ولا يجعلونها جحودا ولا شركا.

والذي يدل على صحة ما اخترناه أن الإيمان في اللغة هو التصديق وليس باسم الجوارح. وهذا مما لا خلاف فيه ولا شبهة ، وإنما ادعى قوم في هذه اللفظة النقل.

ويشهد بأن معناها في اللغة ما ذكرناه قولهم : فلان يؤمن بالمعاد وفلان لا يؤمن بكذا ، أي لا يصدق به ، وقال الله تعالى : ( وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين ) (1). وإذا ثبت ذلك ولم يقم دليل على انتقال هذه اللفظة إلى غير معناها في اللغة ، وجب أن يكون في معناها على مقتضى اللغة.

Bogga 291