135

أشبه بالصواب على مذاهبهم ؛ لأن الإجماع الذي هو حجة إذا كان هو إجماع الأمة أو المؤمنين ، فخروج بعضهم عنه يخرجه عن تناول الاسم. والذي يجب أن نعول عليه في هذه المسألة أن نقول : ليس يخلو الواحد والاثنان المخالفان لما عليه الجماعة من أن يكون إمام الزمان المعصوم أحدهما قطعا أو تجويزا ، أو يعلم أنه ليس بأحدهما قطعا ويقينا.

والقسم الأول يقتضي أن يكون قول الجماعة وإن كثرت هو الخطأ ، وقول الواحد والاثنين لأجل اشتماله على قول الإمام هو الحق والحجة.

فأما القسم الثاني ؛ فإنا لا نعتد فيه بقول الواحد والاثنين ، لعلمنا بخروج قول الإمام عن قولهما ، وأن قوله في أقوال تلك الجماعة ، بل نقطع على أن إجماع تلك الجماعة وإن لم تكن جميع الأمة هو الحق والحجة ، لكون الإمام فيه ، وخروجه عن قول من شذ عنها ، وخالفها.

ومن تأمل كلامنا في هذا الفصل ، وما حققناه وفصلناه من سبب كون الإجماع حجة وعلته ، علم استغناءنا عن الكلام فيما تكلم مخالفونا عليه في كتبهم من أقسام الإجماع ، وما يراعى فيه إجماع الأمة كلها ، أو العلماء ، أو الفقهاء ، وما بينهم في ذلك من الخلاف ؛ فإن خلافهم في ذلك إنما ساغ ؛ لأن أصولهم في علة كون الإجماع حجة غير أصولنا ، ففرعوا الكلام بحسب أصولهم ، ونحن مستغنون عن الكلام في تلك الفروع ؛ لأن أصولنا لا تقتضيها ، وقد بينا من ذلك ما يرفع الشبهة.

[الرابع : ] فصل في أن إجماع أهل كل الأعصار حجة

اعلم أن القطع على أن إجماع كل عصر فيه الحجة لا يتم إلا على أصولنا ؛ لأن تعليل كون الإجماع حجة يقتضي عندنا استمرار حكمه في كل عصر. ومخالفونا في تعليل كون الإجماع حجة لا يتم لهم ذلك ؛ لأنهم يرجعون فيه إلى

Bogga 253