Nafahat Rayhana
نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة
تتحرَّى مقاتلَ الصَّبِ عينا ... هُ برشقِ النِّبالِ في التَّصويبِ
ذو وقارٍ أهابه أن أحيِّ ... يهِ إذا ما بدا بلفظِ حبيبي
فهو لم أدرِ جاهلٌ خبرَ حالي ... أم يُريني تجاهلًا كمرِيبِ
أبدًا دأبه ودأبيَ هذا ... كلانا في الحالِ غيرُ مصيبِ
ليته لو أقرَّ قلبي على الحبِّ ... بلا ريبةٍ ووجهٍ قطوبِ
وإذا شاء بعد ذاكَ تَجنَّى ... لذَّةُ الحبِّ غصَّة التَّعذيبِ
ما يبالي من استهلَّ عليه ... من سماءِ الغرامِ غيثَ اللَّغوبِ
جابَ كلَّ البلادِ يحسبُ أنَّ ال ... حظَّ شيءٌ يُعطى لكلِّ غريبِ
وأنشدني قوله في الغزل:
سقتْكَ الغرُّ يا عهدَ الشَّبيبه ... ترنِّح منك أغصانًا عسيبهْ
وإلا فالنَّواقعُ من جفونِي ... وإن يكُ لا رواءَ ولا عذوبهْ
فكم لي في ظلالِك من مقيلٍ ... حسوتُ به الهوى كأسًا وكوبهْ
بكلِّ نديِّ جسمٍ كنتُ أظمي النَّ ... واظِر عنه خشيةَ أن تُذيبهْ
كأنَّ بكلِّ عضوٍ منه بدرًا ... منيرًا أو مدبِّجَةً خصيبهْ
وكلِّ مرنَّحِ الأعطافِ يخطو ... فيكْتسبُ الصَّبا منه هبوبهْ
إذا ما رامَ يبعثُ بي دلالًا ... يقطِّبُ والرِّضا يمحو قطوبهْ
فمن لكَ بالسَّلامةِ إن تثنَّى ... وهزَّ قناة عطفيهِ الرَّطيبهْ
وأبلجَ مستديرِ الشَّكلِ أبدتْ ... به الأصداغُ أشكالًا عجيبهْ
يُريكَ بسيمياءِ الحسنِ روضًا ... حذارًا منه أن تصلى لهيبهْ
وفاحمَ طرَّةٍ شكرًا لأي ... دي الرُّعونةِ كم بها أمستْ لعوبهْ
تبدِّدُها كذوبِ المسكِ طورًا ... على غصنٍ تجسَّد من رطوبهْ
وطورًا يظهرُ الشربوشُ منها ... كأطرافِ البنانِ غدتْ خضيبهْ
وآونةٍ يُري منها زبانًا ... يلوح وكم به كبدٌ سليبهْ
فأنَّى يطرقُ السُّلوان قلبًا ... حمتْه جيوشُ خضراءِ الكتيبهْ
ولا كنواعسٍ أرشقنَ قلبي ... صوائبَ غادرتْه أخا مصيبهْ
شهرْنا ظُبًا وقلنا ألا صبورٌ ... فكانتْ مهجتي أولى مجيبهْ
لحاها الله أيُّ عنًا تلقَّتْ ... تقمَّص منه جثماني شُحوبهْ
ولم أكُ ألحَها إلا اضطِّرارًا ... فلم تكُ بالذي فعلتْ معيبهْ
هي الأحداق ما مستْكَ إلا ... وفزْتَ من الشَّهادةِ بالمثوبهْ
جرى قلمُ القضاءِ لنا بهذا ... ولا يعدو امرؤٌ أبدًا نصيبهْ
ومن أهاجيه، التي هي من قسم أفاعيه، قوله في هجاء غلام يباهي بتيهه، ويتلاعب في العالم بتمويهه. فإذا فطن بهوى مغرم، صيَّره هدفًا لكل مغرم.
وكان يرافقه، ولا يوافقه. ويقاربه، لكن يواربه. وهو مغضٍ على قذً، مقيمٌ على أذً. حتى بالغ في هجره، فبلغ نهاية هجره. واتفق للشيخ مجلسٌ رآه فيه يلعب بالنرد، فتعرف إليه، فعامله بالإعراض والرد، فقال:
أنكرتني ذاتُ السِّوارِ الصَّموتِ ... عجبًا ما لعرفتي من ثبوتِ
لا بلِ الغانياتُ يعددنَ من أم ... سكَ من وصلهنَّ حيًّا كميتِ
ومريدٌ من الغواني وفاءً ... متدلِّن بشعرةِ العنكبوتِ
لا رعى اللهُ مهجةً علقتْ ... هنَّ ولا أسعِفتْ بفضلِ القوتِ
خفرتْ هندُ ذمَّتي واستعاضتْ ... من صدوحِ الرِّياضِ بالعفريتِ
لست أنسى يومي بمجتمعِ اللَّ ... هوِ وفكري فيها يُجيد نعوتي
إذ بدتْ في غلالةِ التِّيهِ والعج ... بِ وبُردِ الجلال والجبروتِ
تتهادى في السِّربِ حتى إذا ما ... وصلتْ حوزتي أرتنيَ موتي
1 / 69