وفي نفس الرواية ، يشير الإمام عليه السلام إلى جريان الماء من أفواه الأطفال الذي يكمل مهمة دموع أعين الأطفال ، ويقول : «فجعل الله تلك الرطوبة تسيل من أفواههم في صغرهم لما لهم في ذلك من الصحة في كبرهم» (1).
** 13 اليقظة التدريجية للعقل والحواس عند الأطفال
لو كان للطفل عقل منذ البداية فلا شك أنه كان يتألم بشدة ، لأنه سوف يشعر آنذاك بالضعف والمذلة ، فهو لا يستطيع المشي ولا الأكل ولا القيام بأبسط الحركات ، يجب أن يلفوه بقماش ويضعوه في المهد ويغطوه بغطاء ويشطفوه ويحفظوه.
يقول الإمام الصادق عليه السلام ضمن الإشارة إلى هذا الموضوع في حديثه المسمى ب «توحيد المفضل» : «فإنه لو كان يولد تام العقل مستقلا بنفسه لذهب موضع حلاوة تربية الأولاد ، وما قدر أن يكون للوالدين في الأشتغال بالولد من المصلحة ...» (2).
بالإضافة إلى أن الانتقال إلى عالم جديد بكل شىء ومجهول كان سيسبب له من الوحشة والاضطراب ما قد يضر بفكره وأعصابه ، لكن تلك القدرة الأزلية التي خلقت الإنسان للتكامل قدرت فيه كل هذه الأصول.
كذلك لو كانت حواسه متكاملة ، وفتح عينيه فجأة وشاهد مشاهد جديدة واستمعت أذنه إلى الأصوات والأنغام الجديدة ، لما كان في وسعه تحملها ، فكان التدريج في تلقي برامج الحياة الجديدة هو الاسلوب الأمثل.
الملفت للنظر أن القرآن الكريم يقول : ( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لاتعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ). (النحل / 78) وفقا لهذه الآية فإن الإنسان لا يمتلك أي علم في البداية ولا يتمتع حتى بالسمع والبصر ، ثم وهبه الله القدرة على السماع والنظر والتفكير ، ربما كان ذكر السمع قبل ذكر الأبصار
Bogga 70