374

وفي هذا إشارة إلى أن الإنسان حين يطلع على وجود الاختلاف سوف يرغمه عقله على التحقيق والمطالعة (النظر)، وعندها لا يعتبر مستضعفا.

وبالطبع فالقصد من «المستضعف» هنا هو «المستضعف فكريا» الذي نسميه أحيانا ب «الجاهل القاصر».

3 جاء في حديث آخر عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله : «أربعة تلزم كل ذي حجى وعقل من أمتي ، قيل : يا رسول الله ما هن؟ قال : إستماع العلم وحفظه ونشره والعمل به» (1).

وبهذا يعتبر النبي صلى الله عليه وآله الاستماع والتحقيق من آثار وعلامات العقل والدراية.

** 2 المعاندون الملحون

كان دائما في مقابل الأحرار الذين يرون التحقيق في الحق واجبهم العقلي ، هناك جماعة يخشون رؤية الحق كالخفافيش ، وحتى لو ارتفع صوت منادي الحق ودوى في آذانهم سدوا آذانهم لكيلا يسمعوا صوته.

ينقل القرآن عن جماعة من قوم نوح عليه السلام على لسان هذا النبي العظيم عندما اشتكاهم إلى الله : ( وإنى كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم فىءاذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا ). (نوح / 7)

ولم يكن حال المشركين بأقل من هؤلاء ، بل كأنهم ورثوا قوم نوح المعاندين الذين تحدث عنهم القرآن : ( وقال الذين كفروا لاتسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون ). (فصلت / 26)

إن هذه الجماعة التي لها أتباع ومقلدون في كل عصر وزمان لا يسمحون لأنفسهم بالتحقيق في ما يجري أبدا ، إنهم جهلة حمقى يخشون نور الشمس كأنهم الخفافيش ، يلجأون إلى الظلمة دائما ، ويفتخرون بالجهل ، إنهم أكثر حرمانا من الجميع لأنهم أعداء تفضحهم الشمس.

Bogga 18