مجبول في قلوبكم مركوز في طبائعكم ، تخلقوا باخلاق الروحانيين يظهر لكم» (1).
ج) نعلم أنه لا وجود للبخل والحسد في مبدأ عالم الوجود ، وعلى ما جاء في الآية : ( وان من شىء الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم ). (الحجر / 21)
فإن خزائن النعم غير المتناهية عند الله ، ما ينقصه زيادة كرمه وكثرته شيئا ، بل إن جوده وكرمه يتجلى أكثر «ولا يزيده كثرة العطاء إلاجودا وكرما».
وعليه ، فإن الحرمان سببه عدم أهلية الأشخاص ، إن التقوى تجعل الإنسان أهلا للفيض الإلهي ، وأي فيض أرفع شأنا من المعارف والعلوم الإلهية؟
إن القلوب كالأوعية كما يقول أمير المؤمنين عليه السلام : «إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها» (2) والمهم هو أن نوسع هذه الأوعية ، وأن لا تكون مقلوبة لا تسع ولو لقطرة واحدة ، وهذا الأمر ممكن في ظل التقوى.
أما التأثير المتبادل بين العلم والتقوى : فهو أن العلم الحقيقي يمحو جذور الرذائل الأخلاقية وينابيع الإثم والذنب ، ويمثل أمامه عواقب الامور ، وهذه المعرفة تعين الإنسان على تبلور التقوى في قلبه وعلى ابتعاده عن الإثم ، ويتضح من هنا أن العلم ينبوع للتقوى ، كما أن التقوى ينبوع للعلم ، غاية الأمر أن مرحلة من التقوى تسبب مرحلة من العلم ، وتلك المرحلة من العلم تسبب مرحلة أرفع من التقوى ، وعلى هذا المنوال فإن كلا منهما يوثر في الآخر تأثيرا متبادلا ، وقد تكون الآية : مشيرة إلى هذه النقطة :
( ان الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ). (الاعراف / 20)
أي أن التقوى تكون في البداية ، ثم التذكر ، ثم البصيرة ، والنتيجة هي النجاة من وساوس الشياطين.
* *
Bogga 349