226

يقولون : ( وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون )، نعم لعنهم الله بكفرهم ، وأبعدهم عن رحمته ، وأن أشخاصا كاليهود كيف يمكنهم أن يذوقوا حلاوة الحقيقة.

قد يكون التعبير ب «الغلاف» يختلف عن التعبير ب «الأكنة» ، وذلك لأن الغلاف يستر المغلف ويغطيه من جميع الجهات ، بينما يغطي الستار جهة واحدة من المستور ، وبتعبير آخر : تارة تصيب الموانع مصدرا واحدا من مصادر المعرفة كالفطرة لوحدها أو العقل لوحده ، وتارة اخرى تعطل جميع المصادر وتجعلها في غلاف يحول دون المعرفة.

نعم ، كلما تلوث الإنسان بالذنوب والفساد أكثر ابتعد قلبه وروحه من المعرفة وحرم منها اكثر.

* *

وتحدثت الآية الثامنة والتاسعة عن الطبع على القلوب الذي يحول دون المعرفة ، وقد اعتبرت الآية الثامنة الطبع سببا لعدم السمع ( فهم لايسمعون )، واعتبرت الآية التاسعة الطبع سببا لعدم الفقه والفهم ( فهم لايفقهون )، والمراد في الموردين واحد ، فكما قلنا : إن المراد من عدم السمع هو عدم الإدراك والوعي والفهم.

وهذه المرحلة أشد من المراحل السابقة ، فالمرحلة الاولى هي جعل الأكنة على القلوب ، ثم الغلاف عليها ، وفي النهاية يطبع عليها للحيلولة دون نفوذ أي شيء فيها ، كما ذكرنا ذلك في بحث شرح المفردات.

طبعا : إن ابتلاءهم بهذا المصير ليس اعتباطيا ، بل لأسباب أشارت إليها الآية السابقة حيث قالت : ( واذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولوا الطول منهم وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين* رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لايفقهون ). (التوبه / 86 87)

إذن إعراضهم عن الجهاد وتخلفهم عنه هو السبب في الطبع على القلوب.

Bogga 238