193

وأما القسم الثاني فانهم يرون أن الشيطان نفذ في باطن المشركين كما هو المتعارف واحدث أثرا في قلوبهم.

وقد اختار كثير من المفسرين الرأي الأول ، وهناك روايات معروفة تؤيد هذا الرأي ، حيث قالت : إن الشيطان تمثل لهم في صورة «سراقة بن مالك» الذي يعتبر من أشراف «بنى كنانة» وقد حصل هذا الأمر «التمثل» عندما هاجر الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله ، حيث اشترك الشيطان آنذاك في شورى المشركين في «دار الندوة» متمثلا في صورة رجل كبير السن من أهالي «نجد» وليس محالا أن يتمثل في صورة إنسان ، لأن هذا ممكن بالنسبة للملائكة (كما هو منقول في قصة ابراهيم ومريم).

والبحث الآخر هو : هل أن الشيطان رأى الملائكة حقا يساندون جند الإسلام؟ أم عندما رأى آثار الانتصار غير المرتقب تيقن بنزول الملائكة والامدادات الغيبية؟ هناك نظريتان في هذا المجال :

يعتقد كثير من المفسرين أن المراد رؤيتهم حقيقة ، ويؤيد ذلك ظاهر الآيات اللاحقة التي تحدثت عن دخول الملائكة ساحة بدر.

وعلى هذا ، فما كان المؤمنون ولا المشركون يرون تواجد الملائكة في بدر ، بينما كانت الحجب مرفوعة عن الشيطان ، فكان يرى الملائكة.

وهذا نوع من الكشف والشهود منحه الله للشيطان لأهداف معينة.

* *

والآية السابعة أشارت إلى قصة يوسف عليه السلام ، فعندما خرج أولاد يعقوب عليه السلام مع القافلة فرحين من مصر ، وكانوا قد شاهدوا يوسف على عرش السلطة رجعوا حاملين قميص يوسف لتقر عين أبيهم وليرجع نظره إليه ثانية ، وعندما تحركت القافلة من مصر ، قال يعقوب لمن حوله في بلاد كنعان : إني أشم رائحة يوسف إذا لم ترموني بالكذب والجهل ، إن ما قاله يعقوب كان صدقا لأنه لم يشم الرائحة بالشامة الطبيعية التي يمتلكها جميع الناس ولهذا لم

Bogga 203