176

السورة ، حيث جاء فيها أن الله ألهم نبيه (يوسف) كي يدرك بأنه ليس وحيدا بل الله يحفظه ويرزقه نصيبا من القدرة ويصل الأمر إلى أن يندم اخوته على فعلهم ، وهذا الوحي هو الذي جعل الأمل ينبعث في قلب يوسف.

يذكر «الفخر الرازي» ستة احتمالات في ذيل الآية (38) من سورة طه ، وأغلبها خلاف الظاهر ، لأن ظاهر الآية هو الالقاء في القلب ، أو سماع صوت ملك الوحي الذي يتناسب والمعنى اللغوي للوحي (1).

ومثال القسم الثاني هو الخطاب الذي أبلغه أحد الملائكة لمريم والذي كان يتعلق بولادة عيسى عليه السلام ، وقد حكى القرآن حوار مريم مع الملك الذي تمثل في صورة إنسان وسيم.

وأوضح مثال للوحي الالهامي هو الذي كان يقذف في قلوب الأئمة المعصومين عليهم السلام والذي اشير إليه كثيرا في الروايات .

وعندما سئل الإمام الصادق عليه السلام عن مصدر علم الأئمة قال : «مبلغ علمنا ثلاثة وجوه : ماض ، وغابر ، وحادث ، فأما الماضي فمفسر وأما الغابر فمزبور ، وأما الحادث فقذف في القلوب ، ونقر في الأسماع وهو أفضل علمنا ولا نبي بعد نبينا» (2).

وقد جاء في حديث آخر للإمام الرضا عليه السلام يقول فيه : «وأما النكت في القلوب فهو الالهام وأما النقر في الأسماع فحديث الملائكة ، نسمع كلامهم ولا نرى أشخاصهم» (3).

وبصورة عامة ، فإن علوم الأئمة عليهم السلام تحصل من عدة طرق : العلوم التي ورثوها عن الرسول والأئمة الذين سبقوا ، على شكل وصايا وقواعد مدونة توضع في متناول أيديهم والتي قد يطلق عليها في بعض الأخبار «الجامعة» ، وعندما يحصل لهم أمر مستحدث لا وجود له في المصادر التي في أيديهم ، يوحي الله اليهم إلهاما قلبيا أو نقرا في أسماعهم يسمعون به صوت الملائكة «كما هو الحال بالنسبة لمريم عليها السلام ».

Bogga 186