وتزوج المتوكل القاسم بن الحسين (1) بابنته، فتعلق هو وأولاده بالرئاسة وتنقلوا في الأعمال الدولية (2)، وكان أولاده بمحل من النجابة والكمال، وجعل إلى الحاج علي هادي النظر في (مخزان دار الجامع ) (3)، ثم جعل بنظر ولده صاحب الترجمة، واتصل بالإمام المهدي بن المنصور قبل الخلافة وتعلق بخدمته، ولما عرف المنصور من صاحب الترجمة كمال الأمانة والرصانة، وحسن التدبير والديانة، جعل بعض أمور ولده المهدي بنظره، وركن عليه في سياسته فأحبه المهدي وخف عليه وصار من الخواص لديه، ولما أفضت الخلافة إلى المهدي، وكان الحل والعقد بيد المولى أحمد بن عبد الرحمن الشامي، والقاضي يحي بن صالح السحولي(4)، ولكن المولى أحمد بن عبد الرحمن قد كان كبر سنه، وضعف قواه فشق [51أ-ج] عليه التصدر للإصدار والإيراد، ورأى أن صاحب الترجمة خليق بالوزارة لما هو عليه من الصفات الحميدة والأخلاق الحسنة من الديانة وصدق اللهجة وحسن التدبير وجودة الرأي واختبار الأمور وسخاء النفس، فحسن للمهدي تقليد صاحب الترجمة الوزارة العظمى، مع معرفته بميل المهدي إلى ذلك فقلده إياها، فباشرها مباشرة حسنة يضرب بها المثل إلى الآن، ودبر الأمور وساس الجمهور، وضبط البلاد، وتقصى في مصالح بيت المال، واستحسن وضع قوانين آخرة غير القوانين المعتادة في وزارة[28أ-ب] بني راجح، وبني الحريبي (5) واقتصد واقتصر في جميع أحواله، وكان فارسا جليل المقدار دينا خيرا، صدوقا معظما لأهل السنة محسنا إليهم مقرب لأهل الفضل، مؤثرا لما
Bogga 160