وقوله " غير جثوم " لا ينوب مناب طائرة ولا منزعجة؛ لأن الطائر قد لا يكون جاثمًا وقد يكون قائمًا على رجليه ساكنًا مطمئنًا، وهذه حاله في أكثر أوقاته؛ فقد حمل المعنى على لفظ لا يليق به، ولا يؤدي التأدية الصحيحة عنه.
٤٠ - ومن خطائه قوله في وصف الفرس:
ما مقربٌ يختال في أشطانه ... ملآن من صلف به وتلهوق
قوله " ملآن من صلف " يريد التيه والكبر، وهذا مذهب العامة في هذه اللفظة؛ فأما العرب فإنها لا تستعملها على هذا المعنى، وإنما تقول: قد صلفت المرأة عند زوجها، إذا لم تحظ عنده، وصلف الرجل كذلك؛ إذا كانت زوجته تكرهه، وقال جرير:
إني أواصل من أردت وصاله ... بحبال لا صلف ولا لوام
والصلف: الذي لا خير عنده، ومثل يضرب " رب صلفٍ تحت الراعدة " يعنون الرعد بغير مطر: فهذا معنى الصلف في كلامهم، وعلى هذا قد ذم أبو تمام الفرس من حيث أراد أن يمدحه.
والتلهوق: هو لطف المداراة والحيلة بالقول وغيره حتى يبلغ الحاجة، ومنه قول الأغلب العجلي يصف مداراة رجل له ارمأةٌ نال منها مراده: