٣٨ - وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَذْكُورُ، قَالَ: أنبا أَبُو مُحَمَّدٍ طَاهِرُ بْنُ سَهْلِ بْنِ بِشْرٍ الإِسْفَرَايِينِيُّ، قَالَ: أنبا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ مَكِّيِّ بْنِ عُثْمَانَ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: أنبا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْعَبَّاسِ الإِخْمِيمِيُّ، بِأَسْفَارِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْغَنِيِّ بْنِ سَعِيدٍ الْحَافِظُ، قثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ أَبِي وَرْدَانَ، قثنا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ قَيْسٍ، يَعْنِي ابْنَ مَخْرَمَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ، ﵂، تَقُولُ: أَلا أُحَدِّثُكُمْ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَعَنِّي؟ قُلْنَا: بَلَى.
قَالَتْ: كَانَتْ لَيْلَتِي انْقَلَبَ، فَوَضَعَ نَعْلَيْهِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، وَوَضَعَ رِدَاءَهُ، وَبَسَطَ طَرَفَ إِزَارِهِ عَلَى فِرَاشِهِ، وَلَمْ يَلْبَثْ إِلا رَيْثَمَا ظَنَّ أَنِّي قَدْ رَقَدْتُ، فَانْتَظَرَ، ثُمَّ انْتَعَلَ رُوَيْدًا، وَأَخَذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدًا، ثُمَّ فَتَحَ الْبَابَ رُوَيْدًا فَخَرَجَ، وَأَجَافَهُ رُوَيْدًا، وَجَعَلْتُ دِرْعِي فِي رَأْسِي، وَاخْتَمَرْتُ، وَتَقَنَّعْتُ إِزَارِي، وَانْطَلَقْتُ فِي أَثَرِهِ، حَتَّى أَتَى الْبَقِيعَ، فَرَفَعَ يَدَهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ حَتَّى أَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ انْحَرَفَ وَانْحَرَفْتُ، ثُمَّ أَسْرَعَ وَأَسْرَعْتُ، فَهَرْوَلَ وَهَرْوَلْتُ، وَأَحْضَرَ وَأَحْضَرْتُ، وَسَبَقْتُهُ، وَدَخَلَ وَدَخَلْتُ، فَلَيْسَ إِلا انْضَجَعْتُ، وَدَخَلَ، فَقَالَ: " مَا لَكَ عَائِشُ رَابِيَةً حَشْيَا؟ قُلْتُ: لا شَيْءَ قَالَ: لْتُخْبِرِينِي أَوْ لَيُخْبِرُنِي اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ.
قُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي، فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ، قَالَ: فَأَنْتِ السَّوَادُ الَّذِي رَأَيْتُ أَمَامِي؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَلَهَزَنِي لَهْزَةً فِي صَدْرِي، فَأَوْجَعَنِي، فَقَالَ: أَظَنَنْتِ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ: فَمَهْمَا يَكْتُمُ النَّاسُ فَقَدْ عَلِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي، وَلَمْ يَكُنْ لِيَدْخُلَ وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ، فَنَادَانِي، فَأَخْفَى مِنْكِ، فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ، وَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ، وَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ، وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي، فَأَمَرَنِي أَنْ آتِي أْهَلَ الْبَقِيعِ وَأَسْتَغْفِرَ لَهُمْ.
قَالَتْ: وَكَيْفَ أَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: قُولِي: السَّلامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لاحِقُونَ ".
حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ فِي الْجَنَائِزِ، عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعِيدٍ الأَيْلِيِّ، وَالنَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، كِلاهُمَا، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، فَذَكَرَاهُ، فَوَقَعَ لَنَا مُوَافَقَةً عَالِيَةً لِمُسْلِمٍ، وَبَدَلا عَالِيًا لِلنَّسَائِيِّ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ
وُلِدَ شَيْخُنَا الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُرَسْتَانِيِّ، فِي سَنَةِ عِشْرِينَ وَخَمْسِ مِائَةٍ، وَتُوُفِّيَ يَوْمَ السَّبْتِ رَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مِائَةٍ، وَدُفِنَ مِنَ الْغَدِ بِسَفْحِ جَبَلِ قَاسِيُونَ، ﵀ وَإِيَّانَا.
الشَّيْخُ الْعَاشِرُ
1 / 39