Mutawari
المتواري علي تراجم أبواب البخاري
Tifaftire
صلاح الدين مقبول أحمد
Daabacaha
مكتبة المعلا
Goobta Daabacaadda
الكويت
قلت: وَقد كَانَ عبد الْملك بن مَرْوَان أقاد رجلا بالقسامة، ثمَّ نَدم بعد مَا صنع، فَأمر بالخمسين الَّذين أَقْسمُوا فمحوا من الدِّيوَان، وسيّرهم إِلَى الشَّام.
قلت: رَضِي الله عَنْك! مَذْهَب البُخَارِيّ تَضْعِيف الْقسَامَة. فَلهَذَا أصدر الْبَاب بالأحاديث الْجَارِيَة على الْيَمين من جَانب الْمُدعى عَلَيْهِ. وَذكر حَدِيث سعيد بن عبيد، وَهُوَ جارٍ على قَوَاعِد الدَّوَاعِي، وإلزام الْمُدعى البيّنة. وَلَيْسَ من خُصُوصِيَّة الْقسَامَة فِي شَيْء. ثمَّ ذكر البُخَارِيّ حَدِيث الْقسَامَة الدَّال على خُرُوجهَا عَن الْقَوَاعِد بطرِيق الْعرض فِي كتاب الْمُوَادَعَة والجزية حذرا من أَن يذكرهُ هَهُنَا، لِئَلَّا يعْتَمد على ظَاهره فِي الِاسْتِدْلَال على الْقسَامَة، واعتبارها، فيغلط الْمُسْتَدلّ بِهِ على اعْتِقَاد البُخَارِيّ. وَهَذَا الْإخْفَاء مَعَ صِحَة الْقَصْد لَيْسَ من قبيل كتمان الْعلم، بل هُوَ من قبيل مَا ورد: " لَا تعطوا الْحِكْمَة غير أَهلهَا فتظلموها "، فالنصيحة توجب توقى الْغَلَط. وَالله أعلم.
وَوهم الْمُهلب، فَظن أَن أَبَا قلَابَة اعْترض على حَدِيث الْقسَامَة بِحَدِيث العرنيين مُعَارضا بِهِ لحَدِيث الْقسَامَة. فَقَالَ: لَا تعَارض لِأَن العرنيين اشْتهر أَمرهم وقتلهم الرَّاعِي وارتدادهم عَن الْإِسْلَام. وَلم يكن هَذَا بِحَيْثُ إخفاؤه وَلَا جحوده، إِنَّمَا قَتلهمْ النَّبِي [ﷺ] بعد ثُبُوت ذَلِك شرعا بطريقه.
وَهَذَا وهم من الْمُهلب إِنَّمَا أَبُو قلَابَة لما اعْترض عَلَيْهِ فِي إبِْطَال الْقسَامَة بِالْحَدِيثِ الْعَام الَّذِي دلّ على حصر الْقَتْل الشَّرْعِيّ فِي الثَّلَاثَة: قتل، أَو كفر، أَو زنى، بِحَدِيث العرنيين، لِأَن الْمُعْتَرض سبق إِلَى ذهنه أَن العرنيين لم يثبت عَلَيْهِم أحد الثَّلَاثَة، وَمَعَ هَذَا قتلوا. أجَاب أَبُو قلَابَة فَإِنَّهُ قد ثَبت عَلَيْهِم ثبوتًا وَاضحا الْقَتْل والردّة والمحاربة. وَكَلَام أبي قلَابَة فِي هَذَا الْجَواب مُسْتَقِيم. وَالله أعلم.
1 / 344