381

( أو آوي إلى ركن شديد ) فتمنى مع ذلك أن تكون فى قومه كثرة وقوة لينزل بهم ما يستحقون.

وما تقدم من الكلام وما تأخر عنه يدل على ما ذكرناه.

** 345 مسألة :

لا يقدر العباد على ضر ونفع فقال : ( وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ، إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت ، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت ) (1).

والجواب عن ذلك : أن ظاهره يدل على أنه لا توفيق للعبد إلا بالله ، وهذا صريح قولنا ؛ لأن التوفيق هو عبارة عن اللطف الذى يفعله تعالى ، لكى يختار العبد عنده الطاعة ويترك المعصية ، فإذا كان المعلوم من حال العبد أنه يفعل ذلك عند أمر من قبله تعالى ، فذلك الأمر يسمى لطفا ؛ وإذا اتفق عنده فعل الطاعة يسمى توفيقا ، فلا توفيق إذا إلا بالله تعالى ، فلا يدل الظاهر إذا على ما ظنوه.

وكذلك « فى التوكل (2) لا يكون عندنا إلا عليه ؛ لأن المراد بذلك سلوك الاستقامة فى طاعته وفى طلب الرزق من قبله ومجانبة الجزع ، وذلك يبطل ظن الجهال ، أنا إذا قلنا إن العبد يقدر على الطاعة والمعصية فقد أخرجناه من أن يكون معتمدا على الله تعالى فى التوفيق ، متوكلا عليه ، وربما تجاهلوا فقالوا : كيف يصح على قولكم أن يرجع الإنسان إلى الله ، فيقول : لا حول ولا قوة الا بالله؟

Bogga 382