لا يسمعون ولا يعقلون ، وظاهر الكلام عن الاستفهام ، وإن كان به التقرير.
والمراد بالآية : أن قوما من الكفار كانوا يستمعون إليه صلى الله عليه وسلم فيما يتلوه قصدا منهم إلى التكذيب والأذى ، دون التفكر والتقبل ، فبين تعالى أنهم بمنزلة الصم الذين لا يعقلون ، من حيث اشتد تمسكهم بالتكذيب وعدلوا عن طريقة التبين ، كما يقول أحدنا لمن بين له فلم يتبين راجعا إلى نفسه باللائمة : أفيمكنني أن أسمع الصم وأبين للجماد ، وأعرف البهيمة؟ وكذلك : ( أفأنت تهدي العمي ) لأنهم كانوا يشاهدون المعجزات ، كما يسمعون القرآن ، ويقصدون الطعن دون تبين الحق ، فبين أنهم كالعمى فى أنهم لا يعرفون.
** 326 وقوله تعالى من بعد :
يدل على قولنا فى العدل ؛ لأنه بين أن هؤلاء الكفار الذين عدلوا عن طريقة الدين فاستحقوا العقاب والهلاك ، هم الذين ظلموا أنفسهم ، وأنه تعالى إذا عاقبهم لم يكن ظالما لهم ، ولو كان الأمر على ما تقوله المجبرة لم يصح أن ينزه نفسه عن الظلم ، مع أن جميعه من قبله ، ولا يصح أن ينفى عن نفسه فعل الظلم ، وهو الخالق له ، ويضيفه إلى من لم يفعله!
** 327 دلالة :
إلا بما كنتم تكسبون ) [52] يدل على أنه تعالى لا يفعل إلا الحق والصواب ، من حيث نزه نفسه عن أن يعاقب ويحازى إلا بما كسبه المرء.
Bogga 364