وبعد ، فليس فى الكلام إلا أنهم سألوا أن لا يفتنوا ، وقد بينا أن المسألة بأن لا يفعل الشيء لا تدل على أن المسئول يفعل ذلك ، أو يجوز أن يختاره ، وبينا نظائر ذلك (1).
وقوله : ( ألا في الفتنة سقطوا ) ليس فيه إضافة ما سقطوا فيه إلى الله تعالى ، فلا ظاهر للكلام يصح تعلقهم به!
والمراد بذلك : أن فى المنافقين من كان يقول للرسول عليه السلام : ائذن لى فى التخلف عن الجهاد ، ولا تفتنى : يعنى : لا تشدد التكليف على بالخروج ، فقال الله تعالى : ( ألا في الفتنة سقطوا ) يعنى : أنهم طلبوا « التخفيف و (2) التيسير والتخلص من المشقة بالخروج ، وقد سقطوا فى العقاب وما أعده لهم من النيران ولذلك قال تعالى [ بعده ] ( وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) (3) مبينا بذلك أن المراد (4) تهجين رأيهم فى طلبهم التخلص من مشقة يسيرة ، [ وأنهم ] قد أوقعوا أنفسهم فى الأمر العظيم من العقاب بنفاقهم وكفرهم.
** 293 مسألة :
عليه ، وأن السعى فى خلاف ذلك عبث ، وأن الواجب الاتكال على ما قدر على المرء وكتب عليه ، وأن يعلم أن خلافه لا يجوز ولا يكون ، فقال تعالى : ( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) [51]
والجواب عن ذلك أن ظاهره إنما يقتضى أنه لن يصيبهم إلا ما كتب الله
Bogga 335