تعالى يستدرج الكفار بأن يحل بهم النقمات وينزل بهم العذاب (1) والعقوبات من حيث لا يشعرون ، لأنهم استحقوه على كفرهم ، ولا ننكر أن يمد لهم فى العمر ، وإن كان لا يريد منهم إلا الطاعة ، دون ما يعلم من حالهم أنهم يختارونه (2).
وإنما وصف نفسه بالكيد وإن كان يستحيل ذلك عليه لما كان ما يفعله بهم يقع على وجه لا يشعرون [ به ] ولا يجدون عنه مذهبا ، فسماه من هذا الوجه كيدا.
** 271 مسألة :
العاصى فى العمه والطغيان فلا يخلصه منهما ، فقال تعالى : ( من يضلل الله فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون ) [186].
والجواب عن ذلك قد تقدم ، لأنا قد بينا أن الضلال « قد يكون (3) على وجوه (4) فمما يليق بهذا الموضع : الإضلال بمعنى العقوبة ، وبمعنى الذهاب بهم عن طريق الجنة ؛ لأن من جعله الله كذلك فلا هادى له ؛ لأن أحدنا لا يقدر على استنقاذه ، وليس فى الآية أنه تعالى فعل ذلك ، وإنما فيه أن من أضله فلا هادى له ، وقد يصح هذا الكلام وإن كان ذلك مما لا يقع البتة.
وقوله : ( ويذرهم في طغيانهم يعمهون ) ظاهره أنه لا يستنقذهم مما ينزل بهم ، وهذا صحيح ، لأنه لا يجب عليه تعالى إزالة العقوبات عن المستحق لها ، ولا يجب عليه أيضا إخراج الكافر من كفره ومعصيته على جهة القسر ،
Bogga 307