وكان لا يصح أن يصفهم بأنهم كذبوا بآياته وغفلوا عنها! وكل ذلك يبين صحة ما قلناه.
** 207 مسألة :
فقال : ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ) (1)
والجواب عن ذلك : أنه تعالى حكى عنهم من قبل تمنى الرجوع ، فقال : ( ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين ) [27] ( بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ) (2) من وقد علمنا أن الكذب لا يقع فى التمنى ، وإنما يقع فى الأخبار ؛ لأن القائل إذا قال : لئن حضرنى فلان وحادثى ، فسواء حضر أو لم يحضر ، فإن قوله لا يوصف بصدق ولا كذب ، فلا يجوز إذا أن يكونوا كاذبين فيما خبر عنهم أنهم تمنوه من ردهم إلى الدنيا ، وأن لا يكذبوا بآيات ربهم ، وأن يكونوا من المؤمنين ؛ لأن جميع ذلك وقع على حد التمنى ، فإذا يجب أن يكون إنما وصفهم بأنهم كاذبون فى دار الدنيا (3).
وقوله تعالى من بعد على جهة الحكاية عنهم ( وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا ) (4) يدل على ما قلناه ؛ لأنه حكاية عنهم فى الدنيا دون الآخرة ، ولأنهم لا يجوز أن ينكروا الإعادة وقد أعيدوا فى المحشر!
فإن قال : كيف يجوز أن يقول تعالى : ( ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه )
Bogga 242